هل يفرض "التحالف الشيعي" رئيس الجمهورية الماروني كما فرض رئيس مجلس النواب، واسناد الحقائب المهمة الى الوزراء الشيعة شرطاً للمشاركة في الحكومة، والمديريات المهمة أيضاً بما فيها تلك التي كانت في الأساس للموارنة؟

لقد أعلن الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله انه يرفض تنحية الرئيس اميل لحود الا اذا حصل اتفاق على ان يخلفه في منصب الرئاسة النائب العماد ميشال عون أو أي شخص آخر تتم الموافقة عليه، ورفض وصف الأزمة بأنها أزمة رئاسية، معتبراً انها ازمة حكم بمعنى انها تشمل الكل في الدولة وليس رئاسة الجمهورية وحدها، وبالتالي ان الرئيس لحود ليس وحده المسؤول عما آلت اليه الأوضاع، انما تشاركه في هذه المسؤولية الحكومات المتعاقبة مدى السنوات العشر الأخيرة. ورفض أيضاً المطالبة باستقالة الرئيس لحود قبل الاتفاق على البديل. وبما انه قد يصعب الاتفاق عليه، بشروطه التعجيزية فإن الرئيس لحود باق وأزمة الحكم باقية.

وهكذا يفيد السيد نصرالله من قوة الممانعة التي يملكها، ومن قدرته على الحؤول دون اكتمال النصاب القانوني لمجلس النواب، سواء لتقصير ولاية الرئيس لحود أو لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، كي يطرح المعادلة الصعبة، وهي: إما ابقاء لحود في منصبه حتى نهاية ولايته، وإما الاتفاق على المرشح الذي يقبل به. لكن رئيس مجلس النواب نبيه بري حليف السيد نصرالله يشذ عن هذا الموقف بربط موافقته على المرشح للرئاسة الأولى بموافقة البطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير لاعتقاده ان سيد بكركي قد يكون له مرشح معلن، فيتخلص عندئذ من الاحراج حيال اصدقائه المرشحين إلى ان يقع الاختيار بالتوافق على أحدهم أو يتولى مجلس النواب غربلتهم بالتصويت.

ومن جهة أخرى، يربط السيد نصرالله موقفه من أي مرشح للرئاسة الأولى بموقف هذا المرشح من سلاح "حزب الله" فيؤيد المرشح الذي يوافق على بقاء هذا السلاح الى ان يتحقق السلام الشامل في المنطقة ويزول احتمال تعرض لبنان لأي عدوان اسرائيلي.

ويذكر ان الرئيس لحود حدد في حديثه الى قناة "الجزيرة" موقفه من موضوع سلاح المقاومة الوطنية ودورها بضرورة استمرار هذا السلاح "ريثما يعود ما تبقى من الارض اللبنانية المحتلة الى السيادة الوطنية الكاملة ويتحقق السلام العادل والشامل والداعم الذي يضمن وحده الامن والاستقرار لدول المنطقة وشعوبها".

وقد استبق لحود جلسة الحوار الاربعاء المقبل باعلانه هذا الموقف من موضوع سلاح المقاومة، متعمداً رفع سقفه المؤيد لبقاء هذا السلاح "الى ان يتحقق السلام الشامل والعادل في المنطقة" اي الى اجل غير معروف، كي يحرج المتحاورين ويحول دون اتفاقهم على هذا الموضوع الحساس.

وبما ان "حزب الله" ربط موضوع الاتفاق على سلاحه بموضوع الاتفاق على اختيار رئيس للجمهورية بديل من الرئيس لحود، فإن الخلاف على موضوع السلاح قد يحول دون الاتفاق على المرشح المقبول من الجميع للرئاسة، او ربما ربطه بالتوقف حتى عن البحث في هذا الموضوع، فيستمر الرئيس لحود عندئذ في منصبه ويكمل ولايته.

واتفاق المتحاورين على موضوع سلاح "حزب الله" ضروري لئلا يظل مادة ابتزاز للمرشحين للرئاسة او مادة للمزايدة في ما بينهم، بحيث يصبح ما يتفق عليه الاطراف في موضوع هذا السلاح وغيره من المواضيع ملزماً لاي رئيس مقبل، فيعمل على تنفيذه مع الحكومة لانه يشكل شبه ميثاق وطني ينبغي على اي رئيس او حكومة احترام مضامينه وتطبيقها.

ويرى بعض المتحاورين ان موقف الرئيس لحود من موضوع سلاح "حزب الله" يعود الى رغبته وسعيه للحؤول دون تمكينهم من الاتفاق على هذا الموضوع، فيضمن بقاءه في منصبه حتى نهاية ولايته، خصوصاً انه ليس عنده ما يخسره في هذا الشأن، وليس عنده ايضاً ما يجعله يلتزم تنفيذ ما تبقى من القرار 1559.

وتنقسم الآراء حيال موضوع سلاح "حزب الله" كالآتي:

– فئة من المتحاورين تؤيد بقاء هذا السلاح حتى تحرير مزارع شبعا بعد تحديد حدودها لمعرفة مساحة ما يمتلك لبنان فيها، وكذلك حتى اطلاق الاسرى والمعتقلين اللبنانيين من السجون الاسرائيلية، وعند ذلك لا يبقى مبرر لبقاء اي سلاح خارج الشرعية.

– فئة من المتحاورين تؤيد بقاء سلاح المقاومة حتى بعد تحرير مزارع شبعا واطلاق الاسرى والمعتقلين اللبنانيين في السجون الاسرائيلية، وذلك لمواجهة خطر حصول عدوان اسرائيلي على لبنان، وتضيف هذه الفئة ان مواجهة هذا الخطر تتطلب البحث في استراتيجيا تحمي لبنان، اما من خلال تحويل المقاومة اللبنانية "فرقة انصار" شرعية تساند القوات المسلحة من جيش وقوى امن داخلي سواء بتمركزها وراء الخطوط الحدودية او امامها في مواقع الدفاع عن لبنان، او بوضع المقاومة تحت امرة الشرعية وباشراف الدولة التي لها وحدها ان تتخذ قرار الحرب او السلم، او الاتفاق على اي صيغة من الصيغ التي تجعل المقاومة تشارك السلطة في الدفاع عن لبنان ضد اي اعتداء اسرائيلي.

لكن اي اتفاق على موضوع سلاح "حزب الله" وسلاح الفلسطينيين في لبنان يتعارض ومتطلبات قرارات مجلس الامن، ولا سيما منها القرار 1559، قد يعرض لبنان لاخطار ولمواجهة مع المجتمع الدولي، لذلك لا بد من البحث عن صيغة توفق بين احترام الشرعية الدولية والحرص على الوحدة الوطنية في آن واحد.