ما يتعرض له الشعب الفلسطيني الآن خاصة في قطاع غزة -ليس إلى حصار اقتصادي أو مالي وانما إلى خنق غذائي- يقود إلى كارثة انسانية اقرب إلى مذبحة جماعية‚ والسبب ان هذا الشعب وضع المصداقية الأميركية والإسرائيلية على المحك وتعريتها أمام المجتمع الدولي المنافق واسقاط قناع الدعوة إلى الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان‚

فالشعب الفلسطيني يدفع ثمن خياره الديمقراطي المعبر عن توجهاته وقناعاته التي تشكلت على مدى السنوات العجاف الثلاث عشرة التالية علي اتفاقات اوسلو التي تم ترويجها وتسويقها على انها المنفذ والبوابة الحقيقية لاسترجاع الفلسطينيين حقوقهم‚ ولطي ملف هذا الصراع الذي سيبقى مفتوحا ما دامت هناك اطماع إسرائيلية يقابلها ضعف وتمزق العرب‚ وتغيير أولوياتهم بالإكراه‚ اضافة إلي وجود تكاسل وعدم رغبة في استخدام اسلحتهم للدفاع عن النفس واستعادة الاحترام والمكانة في العالم الذي لا يحترم ولا يسمع إلا للقوى‚ وقوة العرب الأساسية في وحدتهم والتفافهم حول قضاياهم المصيرية‚

وما يتعرض له الفلسطينيون من إذلال ومهانة وتجويع لا يتحمل مسؤوليته الاحتلال الإسرائيلي فحسب كونه اصل كل المشاكل الفلسطينية واصل عدم الاستقرار الاقليمي وامتداداته الدولية‚ وانما يشاركه في المسؤولية المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي وان كانوا في المحصلة يقفون خلف الادارة الأميركية راعية الاحتلال الإسرائيلي وليس إلي جانبها أو أمامها‚ كونهم يشاهدون ويسمعون ويقرأون المعاناة الجسدية والنفسية والجرائم بأصنافها المتعددة التي تعتبر وصمة عار في تاريخ البشرية الحديث‚ وفي جبين الحضارة الغربية والانسانية‚وصفعة إلى الاخلاقيات الدولية وإلى حماة حقوق الإنسان‚ ولا يحركون ساكنا‚ بل وفي احيان اخرى يقلبون الحقائق ويعاقبون الشعب الفلسطيني لإرضاء الادارة الأميركية والتي بدورها لا يعنييها غير الرضا الإسرائيلي‚

فمن يتحمل مسؤولية خلو المخازن التابعة للسلطة الفلسطينية ولوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (اونروا) من الدقيق والمواد الغذائية؟ ومن يتحمل مســــــؤولية تدهور الاوضــــــاع الانسانية في زمن شن الحرب تحت شعارات الانسانية وحقوق الإنسان والتحرير من الطغاة‚ ونحن نرى طغيان الاحــــتلال‚ وهو اســـــــوأ طغاة الارض على الإطـــلاق‚‚ من؟

هل تتحملها سلطات الاحتلال‚ أم راعية الإرهاب الإسرائيلي الادارة الأميركية‚ أم المجتمع الدولي‚ أم العرب الذين يقفون خاج الحسابات الدولية‚ أم اتفاقات أوسلو‚ وانقسامات الصف الفلسطيني والرضوخ للإرادة الأميركية بمقاطعة «حماس»‚ أم تحملها كل هؤلاء مجتمعين‚ ومسؤولية تعرض المواطن الفلسطيني للعوز والجوع والإذلال الذي يدق ابوابه بعنف بسبب الحصار والتحكم بكل ما يدخل ويخرج من وإلى الأراضي الفلسطينية‚