النهار

أشاد الرئيس الفرنسي جاك شيراك بالحوار الوطني اللبناني لأنه يجري للمرة الأولى من دون وساطة أجنبية، مشدداً على ضرورة وقف التدخل السوري في لبنان لإقامة علاقات طبيعية بين البلدين. واقترح إثر اجتماعه مع الملك عبد الله الثاني بن الحسين أن توزع المساعدة الأوروبية للفلسطينيين "تحت سلطة" رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.

وفي مؤتمر صحافي عقده مع العاهل الأردني الذي يزور باريس في رفقة الملكة رانيا ووزير الخارجية عبد الإله الخطيب، وصف شيراك الحوار اللبناني بأنه الأول من نوعه من دون تدخل أجنبي، آملاً في أن يؤدي إلى وحدة الصف بين جميع اللبنانيين. وأشاد بالتقدم الذي أحرزته لجنة التحقيق الدولية المستقلة في قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، مشدداً على ضرورة احترام قرارات الشرعية الدولية، وخصوصا القرار 1559. وأثنى على فكرة قبول مجلس الأمن والسلطات اللبنانية بانشاء محكمة دولية. وحض على تهيئة الظروف لإقامة علاقات طبيعية بين لبنان وسوريا، داعياً دمشق إلى أن تفعل الكثير لجعل العلاقات بين البلدين طبيعية في أسرع ما يمكن، موضحاً أن ذلك يحتاج إلى الثقة وأن يتاح للحكومة اللبنانية أن تمارس الحكم من دون تدخل من السوريين، مع تطبيق القرارات الدولية وعلى رأسها القرار 1559.

وتحدث الملك عبدالله عن وجوب احترام الشرعية الدولية والتعاون مع لجنة التحقيق الدولية في لبنان.

وفي الشأن الفلسطيني بعد فوز حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في انتخابات المجلس التشريعي وتقديم تشكيلتها الحكومية إلى عباس، قال شيراك: "نعتقد في كل الأحوال أنه ينبغي عدم معاقبة الشعب الفلسطيني اقتصادياً، فهو يواجه ما يكفي من المشاكل والمصاعب... ما أتمناه هو أن نتوصل الى أفضل الحلول التي تحدد مع رئيس السلطة الفلسطينية، كي نتمكن من مواصلة هذه المساعدة من غير أن ترسل الى حيث لا ينبغي، اي بكلام آخر تحت سلطة الرئيس الفلسطيني".

وإذ ذكر بأن "حماس" مصنفة بين المنظمات الإرهابية في الغرب، قال العاهل الاردني إنه "من مسؤولية الأسرة الدولية تخفيف الصعوبات التي يواجهها الشعب الفلسطيني". ورأى أن عملية السلام "في فترة انتظار"، في إشارة الى تأليف الحكومة الفلسطينية والإنتخابات الاسرائيلية المقررة في 28 آذار الجاري. وأضاف أن "جميع الأطراف يتحملون مسؤولية ايجاد بيئة مؤاتية لتسوية سلمية" تؤدي إلى قيام دولتين مستقلتين تعيشان جنباً الى جنب بسلام، طبقا للحل الوارد في "خريطة الطريق"، لتسوية النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني. غير أنه أبدى تفاؤله بمستقبل عملية السلام، مؤكدا أن "الغالبية الساحقة من الفلسطينيين والإسرائيليين تريد السلام".

وأعلن شيراك أن الأوروبيين ينوون المضي في "سياسة اليد الممدودة" مع طهران في شأن ملفها النووي. وقال أن "فرنسا وبريطانيا والمانيا تنتهج سياسة اليد الممدودة وإنها تنوي المضي في هذه السياسة، ولكن من الطبيعي ان يكون ذلك مشروطاً بأن تكون هناك في المقابل يد ممدودة من الجانب الإيراني". وأبرز "أهمية هذه المشكلة بالنسبة الى استقرار الشرق الأوسط"، آملا في استكمال المفاوضات بين الترويكا الأوروبية وطهران.

وكان الملك عبدالله صرح في مقابلة مع صحيفة "الموند" الفرنسية رداً على سؤال عن تداعيات الأزمات الإقليمية في لبنان وفلسطين والعراق على الأردن: "ينتابني القلق على فرص قيام دولة (فلسطينية) مستقلة قابلة للحياة. أظن انه اذا لم تبصر هذه الدولة النور في غضون سنتين، لن يعود هناك شيء للتفاوض عليه".

وحذر من خطر نشوب نزاع طائفي في العالم العربي، ولا سيما في العراق، موضحاً أنه "حين تحدثت قبل سنتين عن الهلال الشيعي، كنت أعبر عن مخاوف من تحول اللعبة السياسية، تحت غطاء الدين، الى صراع بين الشيعة والسنة، ونحن نشهد بداية له في العراق". وأكد أن "احتمال نشوب صراع طائفي موجود. وسيكون ذلك كارثيا بالنسبة الينا جميعاً".