نجيب نصير

في المقاربة المفارقة بين الخصوصية والهوية ( التي ذهب زمن إظهارها )، ندعوا راكضين إلى عدم التفريط بمواصفاتنا الخصوصية الباهرة، لا بل ندعوا وبإلحاح إلى درجة التخوين ان ندافع عن هذه الخصوصية لأنها ( لا أدري ) منطلق الوجود، وإذا اختفت ندعي نهبها وسرقتها من معتدين معروفين مجهولين..إنها دوامة تدور ومن ثم تدور ومن بعد.... تدور وهكذا إلى ما لا نهاية له أو طحن.

و. تظهر الخصوصية في ظل اللا إنتاج، فإنتاج يتساوق مع العصر هو إنتاج له شروطه وظروفه الموضوعية تضع فاعله على الخريطة أي تميزه بخصوصيات إنتاجه، ولكن والحال ما هو عليه دعونا من الإنتاج ومشاكله وشبابيكه المفتوحة على الهواء العاتي، ولنذهب إلى الإبداع الأدبي والفني ذي التكلفة البسيطة والفردية كوحدة إنتاج، تعالوا لنرى أين يمكن للخصوصية وحدها ان تميزنا في هذا النوع من الإنتاج، لنأخذ مثلا الرواية وهي فن غربي بامتياز انتشر مع قيام عصر النهضة الأوربي وتأسست معالمه ومدارسه ونقده في الغرب ونحن أخناه عنهم محاولين صنع رواية عربية وهو ما نجحنا به إلا حد ما، ولكن الانكى من مدعي الخصوصية هو نظرتهم إلى هذه الرواية وكأنها ولدت من ذاتها وكأن نجيب محفوظ حاز على الاعتراف العالمي ( العولمي ) به من مؤسسة مياه عين الفيجة ( التي أسسها الفرنسيون )، بالإطلالة على اللوحة التشكيلية تواجهنا نفس أزمة الاعتراف، وكذا في المسرح وعلبته (الإيطالية ) والسينما والتلفزة والإعلام والصحافة و. و . و .....كلها انتاجات عولمية شاركنا نحن في التأسيس لها بقسط ضئيل أو وافر واليوم نأخذ عنها في محاولة للمشاركة بقسط ضئيل أو وافر أيضا. أي أننا معولمين شئنا أم أبينا، منتجين كنا أم مستهلكين، على الضفاف أو في لب المعمعة، ما يثبت ان العولمة ( اللئيمة ) هي الطريق الوحيدة لإثبات الخصوصية طالما نستخدم أدواتها ونمشي على طرقها ونستعمل طائراتها وسياراتها وكومبيوتراتها واتصالاتها.

ولكن السؤال يبقى هل الاحتماء بالخصوصية هو من قبيل حصرمة العنب فقط أم انه شعور بالعجز والخجل من هذا العجز ومعاقبة الذات عبر استنهاضها في معارك انتحارية، يدفع البسطاء ثمنها للدفاع عن خصوصية لا تفيدهم بشيء، بل تزيحهم عن الطرق التي تأخذهم لثباتها.

ان نقضي العمر نحارب من اجل إثبات خصوصية لا يمكن إثباتها إلا بالإنتاج ، ونظل قاعدين عن الوسيلة الوحيدة التي تثبت خصوصيتنا ..... انه لسؤال مهين......