الحادية عشرة قبل ظهر اليوم هو الموعد المحدد لاستئناف جلسات الحوار والمؤكد انها ستنتهي مساء لترفع الى موعد لاحق. ففي المبنى نفسه يلتئم مجلس النواب غدا في جلسة مناقشة وطرح اسئلة واستجوابات مقدمة الى الحكومة. لا علاقة للحوار بموعد الجلسة كما يقول رئيس مجلس النواب نبيه بري. اذا اقتضى الامر تعقد لمدة ساعة ويستأنف الحوار. والاجواء عشية الجلسة الحوارية، تماما كما كانت عشية الجلسة التي سبقتها، متوترة، اذ سبقتها مواقف اعتبرها طرف في الحوار محاولة للضغط عليه، وابرزها خطاب للامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله. وعنوانان كبيران على جدول اعمال جلسة اليوم: سلاح المقاومة ورئاسة الجمهورية.

البند الاول سيقترح السيد نصرالله وضعه تحت عنوان: "كيف نحمي لبنان" بدءا بسؤال هو: اذا كنا نعتبر اسرائيل عدوا – وهي كذلك بالاجماع – فكيف السبيل الى تأمين حماية لبنان من هذا العدو؟

وفي البند الثاني، ثمة مستجدات بدءا بحديث رئيس الجمهورية الى محطة "الجزيرة" و"طمأنته" اللبنانيين انه باق حتى اللحظة الاخيرة من ولايته الممددة، مرورا بالمواقف التي اعقبته رفضا او تأييدا او "غض طرف"، وصولا الى تساؤلات عن دعم "غير مبرر" سرعان ما يتهاوى اذا كان "البديل" هو رئيس "كتلة الاصلاح والتغيير" النائب ميشال عون وليس غيره، اقله من وجهة نظر المدافعين عن رئيس الجمهورية. يبدو واضحا ان البندين يستلزمان اكثر من بعض الوقت. وثمة محطة هامة يشار اليها لحسم الموضوع الرئاسي بعد القمة العربية في الخرطوم: زيارة يقوم بها الى دمشق العاهل السعودي الملك فهد بن عبد العزيز مطلع الشهر المقبل. كل ذلك اضافة الى الرسالة المفخخة التي وجهت الى سعد الحريري عشية استئناف الحوار والتي تشبه تلك التي وجهت الى وليد جنبلاط ذات يوم على طريق كفرحيم – المختارة او تلك التي وجهت إلى السيدة بهية الحريري في مجدليون.

ولعل في العنوان الحواري الآخر الكبير وهو العلاقات اللبنانية – السورية الكثير مما يمكن ان يجد طريقه الى التفاهم في حال استكمال "معالجته" واعادة تطبيع هذه العلاقات بدءا بما اتفق عليه في الجلسة الاخيرة وهو خطوة متقدمة جدا تمثلت بالاعلان عن التحضير لزيارة يقوم بها رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة الى دمشق. ويقال ان السنيورة نفسه كان وراء الاقتراح.

وتوطئةً لهذه الزيارة، لعل من المفيد التذكير ان بين سوريا ولبنان الكثير من العناوين التي تتطلب معالجة وتفاهما حولها. ولا شيء مستحيلا اذا ما استعيدت الثقة المفقودة بين البلدين، وبينهما ايضا تاريخ طويل من اللقاءات واللجان المشتركة والهيئات الدائمة وغير الدائمة والتي من شأنها ان تفيد رئيس الحكومة اللبنانية في "مهمته" الجديدة.

وكذلك، سيكون من المفيد عند طرح بند ترسيم الحدود أو "تحديدها" ذات يوم، لا في منطقة مزارع شبعا اللبنانية المحتلة فحسب، بل عند كل النقاط المشتركة من الشمال الى الجنوب مرورا بالبقاع، العودة الى محاضر سابقة منها واحد لـ"الهيئة الدائمة السورية – اللبنانية المشتركة" قبل 36 عاما تحت عنوان "وضع الحدود السياسية بين سوريا ولبنان" وأعد كمشروع كتاب الى رئاستي مجلسي الوزراء في البلدين على اساس، المستند: احالة رئاسة مجلس الوزراء اللبناني رقم 537 تاريخ 23/2/1970 وكتاب رئاسة مجلس الوزراء السوري رقم 1855 تاريخ 11/1/1969 ومما جاء فيه:

"اولا: خلاصة الاسس المعتمدة لتخطيط الحدود اللبنانية السورية والمقترنة بمصادقة رئاسة مجلس الوزراء في البلدين:

كان من جلسة المبادئ والاسس التي تم الاتفاق عليها في اللجنة العامة للحدود والتي اقترنت بموافقة رئاسة مجلس الوزراء في كل من البلدين ما يلي:

اعتبار الحد العقاري حدا دوليا في المناطق التي اعتمدت فيها الخرائط المساحية العقارية اساسا لتحديد حدود القرى فيها على ان يقوم الجهاز التنفيذي الفني على الاراضي وبوجود القاضيين العقاريين السوري واللبناني بوضع احجار التخوم الموقتة على حدود منطقة الخلاف في كل قرية بحسب ادعاء الطرفين وحصرها ورسمها على المخططات الفنية وفقا للتعليمات المعطاة للجهاز التنفيذي الفني. وفي ذات الوقت يقوم القاضيان العقاريان بدعوة السلطات الادارية والهيئات الاختيارية في كلا البلدين، ودعوة اطراف الخلاف ثم ينظمان تقريرا على عشر نسخ يذكران فيه الامور التالية:

طبيعة الخلاف.

اسبابه.

موقع الارض المختلف عليها وحدودها.

مستندات كل من اطراف النزاع وادعاءاته.

اقوال الهيئات الاختيارية لدى البلدين.

رأي السلطات الادارية لدى البلدين.

ثم يوقع هذا التقرير من جميع الحاضرين المذكورين اعلاه ومن رئيس الفرقة الفنية التي قامت بالعمل ويصدق من القاضيين العقاريين ويسلم مع المخططات الفنية الى اللجنة العامة بواسطة اللجنة التنفيذية المشتركة مع بيان رأي القاضيين العقاريين في القضايا المختلف عليها.

في المناطق غير المحددة والمحررة او التي لم ينته التحديد والتحرير فيها تكون الحدود الدولية فيها الحدود الادارية للقرى وفي حال حدوث اي خلاف يعرض الامر على اللجنة العامة بواسطة اللجنة التنفيذية المشتركة".

الصعوبات والمقترحات والنتيجة

ويتابع "مشروع الكتاب" الى مجلسي الوزراء في لبنان وسوريا: "وتنفيذا لما ورد أعلاه فقد قامت اللجنة التنفيذية المشتركة بما يلي:

اعتماد الخرائط العقارية التي نظمها المتعهد الفرنسي دورافور واعتبارها ملزمة للطرفين.

تعيين الخرائط التي نظمت من قبل الجانب الوطني السوري او اللبناني واعتبارها ملزمة للجانب الذي تقدم بها.

تحميل الخرائط المساحية الواردة في الفقرتين 1 و2 اعلاه على خرائط طوبوغرافية موحدة بمقياس 50000/1 تبين:

مناطق الحدود التي لا خلاف عليها.

مناطق الحدود المختلف عليها من حيث الملكية.

وقد اعتمدت هذه الخرائط الموحدة من قبل الجانبين كأساس لتخطيط الحدود على الطبيعة.

وضع دفاتر الشروط الفنية الخاصة والعامة المتعلقة بتلزيم اعمال تخطيط الحدود بين البلدين الى مكاتب هندسية سورية او لبنانية.

ثالثا: الصعوبات:

لدى تدقيق الخرائط الموحدة للحدود المشار اليها اعلاه ودراسة طبيعة مناطق الخلاف وجدت اللجنة التنفيذية انه من الصعب جدا تخطيط الحدود وفق ما كان قد اتفق عليه سابقا (او اعتبار الحدود العقارية حدودا دولية) وذلك للاسباب التالية:

كثرة المناطق المختلف عليها.

اتساع مساحات مناطق الخلاف على الملكية.

كون تحديد الخلافات على الطبيعة بشكل دقيق يسبب ضياعا كبيرا في الاموال والزمن فضلا عن انه يعرقل اعمال تخطيط الحدود بشكل نهائي وسليم اذ ان ذلك يتطلب:

اعمالا فنية طويلة لزرع التخوم التي تبين حدود مناطق الخلاف على الطبيعة

حل الخلاف على الملكية بشكل مبرم من قبل اللجنة العقارية المشتركة والمحاكم المختصة.

تعليق تعيين خط الحدود بانتظار البت في الخلافات على الملكية.

امكانية حدوث منازعات بين الاهالي على الحدود بانتظار حل الخلاف بشكل نهائي.

امكانية تغيير اماكن تخوم مناطق الخلاف من قبل الاهالي من حين لآخر.

ان الحدود العقارية في معظم الحالات هي حدود وهمية (غير طبيعية او اصطناعية).

رابعا: المقترحات:

ولهذه الاسباب جميعها تقدم الهيئة الدائمة السورية اللبنانية المشتركة المقترحات التالية:

فصل موضوع الملكية عن الحدود الدولية في المناطق التي يوجد فيها خلاف على الملكية اذ ان البت في هذا الخلاف سيتطلب وقتا طويلا جدا.

وضع خريطة حدود سياسية موحدة على خرائط طبوغرافية بمقياس 20,000/1 او 25,000/1 يتبع فيها:

الحد العقاري في المناطق التي لا خلاف على الملكية فيها.

الحد الطبيعي او الاصطناعي في المناطق التي يوجد فيها خلاف على الملكية مع مراعاة الحدود العقارية قدر الامكان.

الحد الطبيعي او الاصطناعي في المناطق غير المحددة، والمحررة او التي لم ينته فيها التحديد والتحرير.

اعطاء الافضلية في اعمال لجنة الحدود الى وضع خريطة الحدود السياسية الموحدة ومن ثم تنفيذها على الطبيعة.

ترك امر البت في الخلافات على الملكية الى اللجنة العقارية المشتركة.

خامسا: النتيجة:

تلفت الهيئة النظر الى ان انهاء تخطيط الحدود السياسية والبت في الخلافات على الملكية في مناطق الحدود سيتطلب وضع بروتوكول خاص بين البلدين يتضمن:

المصادقة على الخريطة السياسية الموحدة.

الموافقة على تجاوز القوانين المحلية النافذة في كلا البلدين في ما يتعلق بحق التملك وما يتفرع عنه من حقوق عينية وذلك بالنسبة للمواطنين اللبنانيين او السوريين تجاه البلد الآخر.

الموافقة على التسجيل في السجلات العقارية والخرائط المساحية للحقوق العينية لمواطني البلدين وذلك في المناطق التي دخلت ضمن حدود البلد الآخر نتيجة لتخطيط الحدود.

الموافقة على وضع نظام خاص لطريقة الاستثمار على طرفي الحدود (نظام العبور – Passavant).