هتسوفيه

نيتسان كيدر

يثير القرار الذي صدر أمس والذي قضى بفتح معبر كارني من جانب واحد من أجل ادخال مواد انسانية إلى الفلسطينيين، يثير علامات استفهام كثيرة ليس عندنا فحسب، بل عند الفلسطينيين أيضاَ، وذلك أنه يوم أول من أمس، وبعد جلسة جرت بمشاركة مندوبين اسرائيليين، فلسطينيين، مصريين وأميركيين، تقرر أن معبر كيرم شالوم سيكون مفتوحاً ابتداء من لحظتها، بينما سيبقى معبر كارني مغلقاً في أعقاب التحذيرات الساخنة من نوايا المخربين تنفيذ عمليات هناك. وحتى إن اللواء احتياط عاموس جلعاد، رئيس الهيئة السياسية ـ الأمنية، أوضح أمس الأول في مقابلة له ان الانذارات مركزة جداً إلى درجة عدم وجود أي امكانية لفتح معبر كارني، حتى لو أصر الفلسطينيون على ذلك. بيد أن ما حصل أمس يحتاج إلى جلعاد ذاته من أجل تبرير وتوضيح السبب الذي دفع اسرائيل، رغم ما ذُكر، الى إتخاذ قرار فتح المعبر على الرغم من التحذيرات التي اعترف غلعاد بنفسه أن مستوى خطورتها لم ينخفض.
التغيير المفاجئ في موقف اسرائيل يكمن في المحادثة التي جرت بين رئيس الحكومة بالوكالة ايهود اولمرت، وبين مسؤول أميركي. فنحن نشهد مجدداً أن الادارة في الولايات المتحدة هي صاحبة الكلمة الفصل.
وعلى ما يبدو فانه خلال الجلسة الكبيرة، التي ضمت مشتركين كثراً، لم يكن من اللائق قيام السفير الأميركي في اسرائيل ريتشارد جونز، بفرض هذا الأمر على الاسرائيليين، ولذلك حصلت تلك المشاورات بين أولمرت وبين الأميركيين وفي النهاية تقرر اعتماد الحل الغريب: فتح معبر كارني فقط من أجل ادخال البضائع من الجانب الاسرائيلي لكن من دون نقل البضائع من الجانب الفلسطيني الى اسرائيل.
ثمة مشكلتان هنا: الأولى، هي مشكلة "الالتواء" (السلوك غير المستقيم) في اعقاب اتخاذ القرارات.
ذلك انه وبعد ان عُرض موقف حازم خلال اللقاء مع الفلسطينيين يفيد أن المعبر لن يُفتح، نرى انه جرى في نهاية المطاف فتحه، الأمر الذي بدا انه نوع من الخضوع للموقف الفلسطيني.
المشكلة الثانية، والأكثر جوهرية هي الاملاء الأميركي. فمن الصعب التصديق الى اي مستوى يُثبت لنا أولمرت (وقبله شارون) مراراً وتكراراً ان الضغط الأميركي يمكنه أن يدفع اسرائيل للقيام بأمور ما كانت لتخطر ابداً على البال لولا هذا الضغط. فلو لم يكن الأميركيون يقفون خلف ما يحصل لكان من الجائز الافتراض ان اسرائيل كانت ستُبقي معبر كارني مغلقاً. بيد أن التدخل الأميركي الذي أدى الى فتح المعبر في الوقت الذي يوجد فيه تحذيرات وانذارات مركزة حول نوايا تنفيذ عمليات في هذا المعبر بالتحديد، تؤدي الى مقتل اسرائيليين. ربما هذا الأمرليس مهماً بالنسبة للأميركيين، لكن هذا الأمر مهم طبعاً بالنسبة لأولمرت.
من الصعب ايجاد حلول لمشكلة العم سام ، فاسرائيل، في الوضع الراهن على الأقل، لازالت بحاجة الى الولايات المتحدة. والسؤال هو هل يتعين أن يكون هناك تساوق مع الخط الأميركي في جميع القضايا حتى في تلك التي من شأنها المس بمدنيين أو بجنود؟