أحد أهم قوانين الجدل السياسي هو التالي: أن يسمي المرء شيئا، بمعنى ان يمتلكه. فإذا تمكنت من تسمية شيء وتثبيته وبالتالي تحديد الكيفية التي يفكر بها الناس حول قضية، فان خصومك لن يجدوا فرصة للنجاح. ومن بين أكثر الأشياء ضررا التي قام بها ديك تشيني وشركات النفط الكبرى على مدى سنوات هو تحديد «الواقعية» عندما يتعلق الأمر بسياسة الطاقة في الولايات المتحدة، وبالتالي فإنهم امتلكوا الجدل.
ومن هنا، وإذا ما اصغيت اليهم فإنهم يقدمون، على الدوام، رأيا متغطرسا مستخفا في ما يتعلق بالطاقة البديلة، أي المواد الهجينة والرياح والشمس والايثانول، على النحو التالي: «أجل كل ذلك جذاب وجيد، ولكنه غير واقعي. فالناس الواقعيون يعرفون ان النفط والوقود المستخرج من الأرض سيهيمن على استخدامنا للطاقة لفترة طويلة، ولذا فان عليكم التعود على ذلك».

حسنا، اليكم ما هو مشجع في الوقت الحالي. هناك انقسام بين المحافظين بشأن هذه القضية. فليس كل المحافظين يقفون الى جانب شركات النفط الكبرى. وهناك الكثير من الانجيليين، الذين يقودهم اشخاص مثل غاري باور، يدافعون عن البيئة، لأنهم يعتقدون اننا بحاجة الى مراقبين أفضل لأرض الله الخضراء، ولأنهم لا يرغبون في ان يكونوا اتكاليين في الطاقة على بلدان تتخذ موقف العداء العميق تجاه الولايات المتحدة.

ومن بين أفضل الخطابات التي قرأتها بشأن ضرورة التخلص من ادمان اميركا على النفط الآن، وإعادة تعريف «الواقعية» هو الخطاب الذي ألقاه السناتور الجمهوري ريتشارد لوغار، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، في معهد بروكنغز يوم الثالث عشر من مارس الحالي. أجلوا ما تفعلون واقرأوه على موقع المعهد على الانترنت.

يقول لوغار ان «نائب الرئيس تشيني، الذي اشرف على سياسة الطاقة في ادارة بوش، قال في 30 ابريل 2001: بعد سنوات يمكن ان يصبح الوقود البديل أكثر توفرا الى حد كبير مما هو الآن. ولكننا لسنا في وضع يسمح لنا بان نقيم اقتصادنا وطريقة حياتنا على ذلك الاحتمال. وفي الوقت الحالي يجب علينا فهم الحقائق كما هي في الواقع. وأيا كانت آمالنا بشأن تطوير مصادر بديلة وحفظ الطاقة، وذلك جزء من خطتنا، فان الواقع هو ان الوقود المستخرج من الأرض يلبي، من الناحية الفعلية، مائة في المائة من حاجات النقل وحصة ساحقة من متطلبات الكهرباء. ولسنوات مقبلة كثيرة سيكون الأمر على هذا النحو».

وقال لوغار بعد ذلك: «لعقود ظل النقاش حول النفط يدور بين أولئك الذين يطلق عليهم بالواقعيين مقابل أولئك المثاليين الذين يطالبون بتطوير طاقة بديلة للنفط».

وبينما يعترف بأن أي طاقة بديلة تتطلب عملا كبيرا كي تتمكن من أن تحل محل النفط، يصر لوغار على أنه مع استراتيجية عالمية كبيرة يمكننا تحقيق ذلك. ويجب أن نحقق ذلك. وأضاف يقول: «رسالتي هي أن كفة الواقعية جاءت من أولئك الذين يحاججون لصالح النفط ولصالح السماح للسياسة المتعلقة بالطاقة أن تعتمد تماما على نمو السوق على حساب أولئك الذين يعترفون بغياب أي توجه كبير في الطريقة التي نحصل بها على الطاقة، وهذا ما يجعل الحياة في أميركا تصبح أكثر صعوبة خلال العقود المقبلة. وليس هناك أي شخص، قام بتقييم حقيقي لتلاشي نفوذ أميركا في العالم بسبب اعتماد طاقتنا على الخارج، عاجز عن تلمس حقيقة أن الطاقة هي حجر الأساس لأمن الولايات المتحدة القومي. ويضيف :«دخلنا مرحلة مختلفة بالنسبة للطاقة فأصبح مطلوبا منا إجابات مختلفة عن السابق. المطلوب هو حملة وطنية عاجلة يقودها عدد من رؤساء الجمهورية السابقين مع أعضاء الكونغرس لضمان أن تستثمر كل القدرات والمصادر الأميركية وبشكل كامل لمواجهة هذه المشكلة».

وعادة ينبذ تشيني أفكار الليبراليين باعتبارها تنتمي إلى ما قبل «11 سبتمبر 2001» مقارنة بالرجال الصارمين أمثاله والذين ينتمون إلى مرحلة ما بعد «11 سبتمبر». لكن حينما يكون الأمر متعلقا بالطاقة فليس هناك أكثر تفكيرا من مرحلة ما قبل 11 سبتمبر من ديك تشيني.

يحمل تشيني وجهة نظر متشائمة مما يمكن للعاملين الأميركيين في مجال التكنولوجيا أن يحققوه، وقد تجلى ذلك حين سئل حول ما يجب أن يفعله الشعب الأميركي في مرحلة ما بعد 11 سبتمبر في حالة إذا طلب منه تحقيق استقلالية في الطاقة.

وبينما أنا أدفع أكثر حتى من لوغار نحو اتخاذ خطوات أكثر تشددا فإنني أشعر بالتفاؤل من محافظين أذكياء مثله ما عادوا يرغبون في السماح لديك تشيني وشركات النفط الكبرى أن تخبرهم ماذا تعنيه كلمة «واقعي» حينما يكون الأمر متعلقا بمستقبل الطاقة في أميركا.