ايلاف

استبعد محللون سياسيون أن يكون هناك رابطا ما بين تصريحات الملياردير السعودي الأمير الوليد بن طلال المؤيدة لدمشق بشكل قوي والتي ألقاها قبل نحو يومين في دمشق أمام الرئيس بشار الأسد وبين الزيارة السريعة التي قام بها نائب الرئيس السوري فاروق الشرع اليوم إلى المملكة العربية السعودية،في ظل تحرك سوري محموم لتنسيق المواقف مع العاصمتين العربيتين الكبريتين الرياض والقاهرة قبيل القمة العربية التي تُعقد في الخرطوم نهاية الشهر الحالي.

وكان الشرع قد استهل جولته اليوم بزيارة للمملكة العربية السعودية حيث بحث و العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز "مجمل الإحداث والتطورات على الساحات العربية والإسلامية والدولية" كما ذكر بيان رسمي مُقتضب بثته وكالة الأنباء السعودية، وهو لم يتطرق إلى طبيعة الاتفاقات حول ملف الأزمة السورية اللبنانية بما يستهدف إيضاح طبيعة التحرك العربي المشترك خلال الأسابيع المقبلة.

وبحث الملك عبدالله بن عبدالعزيز والشرع أيضاً خلال الاجتماع اليوم في مزرعة عاهل السعودية الجنادرية تطورات القضية الفلسطينية والوضع في العراق إضافة إلى آفاق التعاون بين البلدين وسبل دعمها وتعزيزها في جميع المجالات بما يخدم مصالح البلدين. وقد حضر الاجتماع الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية والأمير مقرن بن عبدالعزيز رئيس الاستخبارات العامة وسفير سوريا لدى المملكة الدكتور احمد نظام الدين.

وكان مراقبون سعوديون قد وصفوا تصريحات الوليد في دمشق بأنها "عودة جديدة إلى الملف السياسي اللبناني" بعد هدوء حذر من قبله عقب اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري في الرابع عشر من فبراير قبل نحو عام وأكثر، وهي ما تزال مثار تساؤلات داخل الأوساط السعودية حول سبب توقيت هذه العودة إلى الساحة الملتهبة وما إذا كانت هذه العودة تحظى بمباركة صناع القرار السعوديين.

وغمز الأمير السعودي الوليد من قناة بعض الساسة اللبنانيين المعارضين لسورية قائلاً خلال كلمة له قبل يومين :"إن الذين يسعون أو يدعون أو يعملون أعمالا ضد سورية أقول لهم هل تستطيعون معاقبة الجغرافيا هل تستطيعون معاقبة المبادئ والقيم و ننصحكم أن تتعقلوا وتنصتوا لضمائركم ولمصلحة شعوب وأقول بوضوح للسوريين نحن واقفون معهم وانتم أيها المتغيرون والمتقلبون وحدكم الذاهبون قريبا إن شاء الله."

وتواجه سوريا ضغوطات غربية متواترة خصوصاً من الولايات المتحدة بسبب الاشتباه بضلوعها في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري في شباط/فبراير 2005 كما استنتجت لجنة التحقيق الدولية المكلفة بالتحقيق في حادثة الاغتيال،فيما تتعرض إيران التي يزورها الشرع خلال ساعات لضغوطات بسبب برنامجها النووي الذي يشتبه الغربيون في انه يخفي شقا عسكريا.

ووقف الشرع أمام عاهل السعودية للمرة الأولى منذ أن تولي منصبه الجديد كنائب للرئيس السوري بشار الأسد بعد شغور المنصب على خلفية انضمام شاغله السابق عبدالحليم خدام إلى المعارضة السورية ضد نظام الأسد،وكان الملك عبدالله مستاءً من تصريحات للشرع قبل استدعاء خمسة ضباط سوريين للتحقيق في فيينا حين قال انه لا يقبل من أحد أن يهين سوريا،ما جعل الملك يرد مستاءً كما سربت صحف لندنية ذات تمويل سعودي"من يقبل أن يهين سوريا؟".

و كان الأمير الوليد بن طلال بن عبدالعزيز رئيس مجلس إدارة شركة المملكة القابضة منح وساما فخريا في حفل بالعاصمة السورية دمشق يوم الأربعاء الماضي.و قلّده الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد بوسام أمية الوطني ذي العقد الذي يعد أعلى وسام مدني يمنح من دولة سوريا ، والذي كرم به الأمير السعودي "تقديراً لإنجازاته المشرفة ولتواجده السوري القوي عن طريق استثماراته ومساهماته الإنسانية المتنوعة" .

هذا وتنشط الدبلوماسية السورية منذ أسابيع عدة لتجييش تحرك عربي وإسلامي كبيرين قبيل قمة الخرطوم لمحاولة الخروج من عنق الزجاجة التي خُنق فيها النظام السوري على خلفية ثبوت تورط بعض عناصره الموالين في التخطيط لعملية اغتيال الحريري.