نضال حمد – اوسلو www.safsaf.org

قرأت مساء اليوم خبرا أثار رغبتي بالتعليق عليه ..
يقول الخبر الذي نشرته وكالة معا للأنباء ومقرها فلسطين المحتلة :

" أكد مصدر مسئول في وزارة الخارجية الكويتية ان الوفد الفلسطيني الذي سيقوم اليوم بزيارة إلى البلاد لا يمثل حركة حماس بل يمثل السلطة الفلسطينية ... وشدد المصدر في تصريحات صحافية على أن زيارة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل والوفد المرافق له إلى الكويت اليوم تأتي كتمثيل لرئيس الوزراء الفلسطيني حيث يحمل رسالة من الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد وليست تمثيلا لحركة حماس".

يا سلام على السياسة والسياسيين والعرب والفلسطينيين.. ماذا يعني هذا الكلام ؟

هل هناك مبرر لوضع شروط كويتية أو عربية لزيارة وفد فلسطيني إلى دولة عربية ما ، ذات سيادة ومستقلة؟ طبعا لا يوجد مبررات. لكن من الواضح أن إمارة الكويت ليست من يقرر برنامج وشروط زيارة وفد حركة حماس إلى الكويت. فهناك على ما يبدو جهات أخرى وضعت عنوانا غريبا وتفسيرات عجيبة للزيارة وشروط فيها عدم احترام والتباس. إذ ليس من المنطقي أو المعقول أن يقوم رئيس حركة حماس بزيارة إلى الكويت او غيرها يمثل فيها رئيس وزراء السلطة الذي من المفترض أن مشعل رئيسه ومسئولا عنه تنظيميا وسياسيا. كما لا يوجد أي صفة تخول خالد مشعل وهو الذي قال قبل أيام كلامه المعروف عن شرعية اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية كي يحمل رسالة من رئيس السلطة والمنظمة أو تمثيله في زيارة للكويت. فالرسالة يمكن أن يحملها أي وزير في السلطة أو أي قائد في حركة فتح أو أي سفير فلسطيني للمنظمة في الخليج أو بلاد العرب والعجم والروم.

لا ندري ما هي طبيعة زيارة السيد خالد مشعل ووفد حركة حماس إلى الكويت ، لكنها بتلك الشروط تعتبر زيارة غير واقعية ولا عقلانية، وبلا تأييد شعبي أو رضا جماهيري. ليست حركة حماس التي انتخبها الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع لقيادة السلطة وتسيير أعمال الشعب في الأرض المحتلة بساعي بريد لأحد. وليست كذلك حماس صاحبة تاريخ زيارات مشروطة ومعنونة سلفاً. لذا فانه على السيد خالد مشعل زعيم حركة الشهداء أن يرفض اشتراطات الزيارة للكويت. أولا لأن الشعب الفلسطيني لا يريد التوسل او التسول عند الكويت او غيرها. وثانيا لان الزيارات لا تكون مشروطة ولا يمكن ان ترهن لمشيئة جهة واحدة. كما أنه من الواضح ان هناك من طلب من الكويت ان تشترط تلك الشروط على حماس والغريب ان الحركة قبلتها. وأننا نتعجب لموافقة خالد مشعل وقيادة حماس على شروط وعنوان تلك الزيارة. فليس هناك ما يبرر القيام بها. ولو أن الأمر توقف عند أن الوفد برئاسة مشعل سيمثل السلطة الفلسطينية لكان الإنسان استطاع إيجاد مخرج ما له. لكن الزيارة هذه تظهر وفد حماس بمظهر لا يليق بها وبشهدائها وتضحياتها. فالحركة ليست ساعي بريد لتقبل بالشرط الذي يقول أن وفدا من حماس برئاسة رئيسها خالد مشعل سيصل إلى الكويت ممثلا لرئيس الوزراء الفلسطيني ،حيث يحمل رسالة من الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى سمو أمير البلاد الشيح صباح الأحمد وليس تمثيلا لحركة حماس. هذا كلام فارع وهراء ومخجل بكل معنى الكلمة. نقول ذلك حفاظا على مكانة حركة حماس وليس تجريحا بها.

صحيح ان الذين حملوا صور الرئيس العراقي الأسير صدام حسين خلال السنوات الماضية لا يمثلون الشعب الفلسطيني كله لكنهم يمثلون بعضه. والأصح أنهم ومعهم أيضا الذين يحملون صور الرئيس الأسير صدام حسين هذه الأيام يمثلون جزءا من شعب فلسطين ، جزءا من الوفاء الفلسطيني لما قدمه العراق للقضية الفلسطينية. وانه من العار على أي فلسطيني ان يطعن الآن بالعراق او بشخص الرئيس الأسير صدام حسين بالرغم من خلافنا معه على الاستبداد الذي كان في زمن حكمه. ولا يستطيع أياً كان نزع هذه الصفة عن هذا البعض الفلسطيني الأصيل سواء كان ذلك لتمرير هدف سياسي تكتيكي ومرحلي أو للاستهلاك الإعلامي. فصدام حسين الأسير لازال من سجنه يردد عاشت فلسطين حرة عربية أما الآخرين الذين يمقتونه ولازالوا يحقدون عليه بعد غزوه للكويت واحتلالها والقيام بأعمال غير قانونية فيها،هؤلاء لهم مبرراتهم، أما أهل فلسطين فليسوا مضطرين لمجاراتهم في مواقفهم. ومن يقدم لفلسطين أي دعم مادي يقدمه لحماية نفسه أيضا من توسع الاحتلال الصهيوني ومن الاحتلال الأمريكي ومشروع الشرق الأوسط الصهيوني الأمريكي الكبير ولا منة منه على الفلسطينيين الذين يقدمون دمائهم من اجل الأمة العربية ومقدسات المسلمين والمسيحيين. لأن معركة الشعب الفلسطيني هي معركة كل العرب أينما كانوا من المحيط إلى الخليج. والشعب الفلسطيني ليس شعبا يشترى ويباع بفلوس وأموال هذا البلد أو ذاك.

ثم ماذا يعني فسح المجال أمام الجهود التي يقوم بها ممثلو الحركة الدستورية (الإخوان المسلمين) لتقريب وجهات النظر حول بعض النقاط الخلافية فيما يتعلق بنبذ العنف؟ هل حركة حماس مضطرة لزيارة الكويت والموافقة على شروطها ؟ لا نعتقد ذلك لذا مطلوب من خالد مشعل على الأقل أن يرسل من هم أدنى منه مرتبة لحمل رسائل رئيس مجلس وزراء السلطة ورئيس السلطة. ومطلوب منه رفض مبدأ وضع كفاح الشعب الفلسطيني المسلح ومقاومته كفقرة أو بند في باب نبذ العنف.