ماهر سمعان (سورية الغد – كوبنهاجن)

قام الشباب العربي الموجود في الدنمرك بزيارة الى مبنى جريدة يولاند بوستن بدعوة من مجلس التحرير للتعرف على الجريدة وسياستها وشرح موقفها من الاحداث التي تلت نشرها للرسوم الكاريكاتورية عن الرسول.

بعد ان تم استقبال الشباب و تعريفهم على اقسام المبنى تم عرض فيلم تسجيلي عن الجريدة وتاريخها وأهدافها ومجالات عملها.
وفي الحوار الذي تلا ذلك ومثل الجريدة فيه مدير العلاقات العامة بالاضافة الى مستشار المجلس التحريري وبعد ان قام الشباب العربي والمسلم بقراءة مقدمة يشرح فيها موقفه من هذه الاهانة للاسلام التي قامت بها الجريدة ومدى رغبتهم في فهم وجهة نظر الجريدة وفي ان يحصلوا على اعتذار عن مثل هذا الفعل أكد مدير العلاقات العامة في الجريدة بان الجريدة بقدر أنها لم تكن مقدرة لحجم ردة الفعل التي ستتبع مثل هذا الفعل فانها وفي الوقت نفسه وبعد ان اتخذت القرار بالنشر فانها مسؤولة بشكل مباشر عن الدفاع عن هذا الفعل بالتأكيد على تقاليد الصحافة الدنمركية والتي يكاد يكون اهمها حرية النشر والتعبير والانتقاد حتى الساخر منه والشائع في الدنمرك. ومن ناحية أخرى اكد مستشار المجلس التحريري في الجريدة ان عدم قدرة الجريدة على تقدير حجم ردة الفعل ومداها على مثل هذه الرسوم قد يكون خطأ واذا وجب الاعتذار فعلى ذلك ولقراء الجريدة ومتابعيها.

وفي معرض الرد على سؤال عن مدى تأثير نشر الرسوم على معدلات البيع و على سياسة التحرير في الجريدة اشار مدير العلاقات العامة من ناحيته على ان معدلات البيع لم تتأثر بشكل ملحوظ او حقيقي وفي ما يتعلق بسياسة التحرير أكد مستشار مجلس التحرير على ان سياسة الجريدة منذ البدء كانت مبنية على النقاش والحوار بين المحررين وأخذ آراءهم والاحتكام في النهاية الى رأي الاغلبية بالتصويت واذا تأتى ذلك في بعض الاحيان بأخطاء فان ذلك ليس سوى حالة عابرة لن تغير من هذه السياسة شيء.

من جانب آخر أشار المستشار في معرض حديثه الى ان عدم فهم مدى حساسية مثل هذا الموضوع بالنسبة للمسلمين من قبلهم يعود الى كون المسلمين لم يهتموا بشرح دينهم والفرق بينه وبين الديانات الأخرى لباقي الشعوب ما يجعل اللوم يقع في جانب منه على المسلمين أنفسهم. وفي الاجابة على سؤال عن سبب رفض سابق من الجريدة لنشر رسومات عن المسيح و أرييل شارون في الجريدة في سنوات سابقة أكدوا على ان ذلك يرجع الى مجلس التحرير الذي قد يرفض او يقبل وليس الى رأي شخص واحد او لأغراض واعتبارات شخصية.....

وفي نهاية اللقاء أشار مدير العلاقات العامة الى ان الجريدة تتعامل مع كل القضايا من منطلق دنمركي بحت وليس فيه تفريق بين مسلم او مسيحي او يهودي دنمركي وان الرسوم الساخرة هي من الطرق المعتادة في الصحافة الدنمركية وهذه الرسومات بالتحديد كانت للتعبير عن رفض استخدام الرسول في تبرير الارهاب (حسب رؤية الجريدة).

والتقى الشباب في وقت لاحق من اليوم نفسه في حوار مفتوح كل من ممثل عن جمعية نتوورك وآخر عن جمعية الشباب المسلم في حين تم تقديم مشاركة من أحد المواطنات الدنمركيات التي كانت قد اعتنقت الاسلام قبل سبع سنوات لتشرح عن تجربتها. في حين كان من المقرر حضور ممثلين لبعض الجمعيات والاحزاب الاسلامية الاخرى والتي لم تحضر بدون أي سبب واضح (الشبكة الفلسطينية, جمعية النساء الايرانيات, الديمقراطي الاسلامي).

ابتدأ اللقاء بتقديم كل من الممثلين لنفسه وشرح دور الجمعية التي ينتمي اليها في العمل على تطوير وتنشيط المسلمين للمشاركة والاندماج بالمجتمع الدنمركي. تلى ذلك اسئلة الشباب التي ابتعدت بشكل غريب عن مناقشة ردة الفعل على الرسوم وما قد تم فعله من قبل الجمعيات وانحصرت في الاستفسار عن دورها في تنشيط الحوار ومواجهة التشدد وشرح الصورة الصحيحة للاسلام.

خلال المناقشات تبدى اختلاف كبير في التقييم والتعامل مع الاحداث بين الجمعيتين والمرأة الدنمركية المسلمة التي وفي معرض ردها على سؤال عن مدى اعتقادها بارتباط المشكلة بشكل مباشر مع الدين الاسلامي أشارة الى ان الدنمركيين معتادون على مثل هذه الطريقة من التعاطي في الصحافة مع أي شيء مقدس أو سواه وان هذا من اساسيات الحرية والممارسة الصحفية في الدنمرك. وخلال اجابتها على سؤال عن مدى اعتقادها بأن المشكلة قد تكون مع المهاجرين و ليس مع الاسلام؛ أشارت الى ان المهاجرين المسلمين لم يندمجوا أو يعتادوا بعد على طريقة الحياة الدنمركية وهناك البعض الذي قد يفكر باستخدام مثل هذه الاحداث لاثارة قضاياه الخاصة مستخدما الدين كغطاء له.

كما واجمع المشاركون على اهمية استمرار الاعتراض السلمي على مثل هذه الرسوم داخل الدنمرك ما يدل على وعي عال لدى مسلمي الدنمرك بضرورة نبذ العنف والعمل من خلال الطرق الديمقراطية. بالاضافة على محاورة ومواجهة المتطرفين اللذين يحاولون التغلغل بين المسلمين في كل مكان في العالم من خلال العمل الجدي والمنظم على التوعية اللاندماج بالمجتمع الذي يعيشون فيه.

انهي اللقاء على رؤية متفائلة في مستقبل التعايش الاسلامي الدنمركي وان كان طريقه مملوء بالمخاطر والاختلاف وربما الايذاء في بعض الحالات.