تتخوف اوساط سياسية ان تطول جلسات الحوار من اجل التوصل الى اتفاق على موضوعين مهمين هما: تنحية الرئيس اميل لحود واختيار بديل منه، وتحديد مصير سلاح المقاومة، كما تخشى التدخل السوري لتوجيه الحوار في الاتجاه الذي يجعلها تمسك بهاتين الورقتين المهمتين كي تفاوض عليهما وتقبض ثمنهما.

وتقول الاوساط نفسها ان سوريا عندما رحبت بالحوار الوطني بين القيادات اللبنانية لم تكن تتوقع ان يتوصل المتحاورون الى اتفاق وبسرعة، حول عدد من المواضيع لذا آثرت عدم التدخل من اجل تفشيله، لكنها تنبهت الى الامر لاحقا واخذت تراقب سير الحوار حول الموضوعين اللذين يهمانها وهما: مصير رئيس الجمهورية ومصير سلاح المقاومة، وقد بدأ هذا التدخل يظهر من خلال تصريحات لمسؤولين في "حزب الله" اكدوا فيها ان لا تخلي عن سلاح المقاومة الا بعد ان ينتهي الصراع العربي الاسرائيلي ويتحقق السلام الشامل في المنطقة... وهو ما اكده الرئيس لحود نفسه في حديثه المتلفز، وتصريحات للنائب العماد ميشال عون اكد فيها ان لا تنحية للرئيس لحود الا بعد التوصل الى اتفاق على البديل لئلا تواجه البلاد حالة فراغ. وقول الوزير السابق وئام وهاب انه ممنوع على الرئيس لحود الاستقالة بدون ان يكشف عن الجهة التي تمنعه عنها، وان كانت معروفة لدى الناس، وهي سوريا. وهذا ما جعل بعض المتحاورين يرون ان التوصل الى اتفاق حول موضوع رئاسة الجمهورية يبدو صعبا ويحتاج الى وقت، وما التقاء الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله والنائب عون على طرح الموضوع الاقتصادي وموضوع قانون الانتخابات على مؤتمر الحوار، الا لاطالة جلسات الحوار من دون التوصل الى اتفاق حولهما، اضافة الى موضوع سلاح "حزب الله" وموضوع رئاسة الجمهورية، باعتبار ان ولاية الرئيس لحود تكون بعد اشهر شارفت نهايتها، ولا يعود مصير رئاسته مطروحا.

ويرى بعض المتحاورين ان موضوعي رئاسة الجمهورية وسلاح "حزب الله" قد يتطلبان وقتا للتوصل الى اتفاق في شأنهما، فكيف اذا اضيف موضوعان مهمان اليهما تختلف الآراء في شأنهما لا سيما قانون الانتخابات الذي لا يزال قيد البحث في الهيئة الوطنية المكلفة وضع صيغة مقبولة له، ليتولى مجلس الوزراء في ما بعد درس هذه الصيغة ومن بعده مجلس النواب لاتخاذ قرار في شأنها، وليس لمؤتمر الحوار ان يقوم مقام المؤسسات الدستورية اي مجلس الوزراء ومجلس النواب في مناقشة قانون الانتخابات ودرس الموضوع الاقتصادي في ضوء البرنامج الاصلاحي الموزع على الوزراء لدرسه واقراره تمهيدا لتحديد موعد رسمي لانعقاد مؤتمر "بيروت – 1" للدول المانحة.

ويرى نواب من قوى 14 آذار ان سوريا قد تحول دون توصل المتحاورين الى اتفاق على بندي رئاسة الجمهورية وسلاح المقاومة ما لم يكن لها دور مباشر او غير مباشر في التوصل الى هذا الاتفاق لأنها هي التي تستطيع ان تمون على بعض المتحاورين باعتبارهم حلفاء لها، فتجعلهم يرفعون سقف شروطهم ومطالبهم لافشال الحوار، او يخفضون سقفهم من اجل

انجاحه.

فالموافقة على تنحية الرئيس لحود واقناع العماد عون بالعدول عن ترشيح نفسه للرئاسة ثمنها اختيار مرشح يكون مقبولا من سوريا ومن تبقى من حلفائها في لبنان. والموافقة على جعل "حزب الله" يتخلى عن سلاحه بعد تحرير مزارع شبعا وليس بعد تحقيق السلام الشامل في المنطقة او ادخال هذا السلاح منظومة دفاعية لشرعنته، يحتاج الى اتفاق مع سوريا على تحديد حدود مزارع شبعا تمهيدا لارسال نسخة عن هذا الاتفاق بين البلدين الى الامم المتحدة كي يصير في الامكان اخضاع هذه المزارع الى احكام القرار 425 وليس الى احكام القرار 242 توصلا الى تحريرها من الاحتلال الاسرائيلي، واذا لم يتم التوصل الى هذا الاتفاق بين لبناتن وسوريا فان مزارع شبعا تظل على ما هي اليوم، مما يبرر استمرار المقاومة والاحتفاظ بسلاحها. وترجمة ما اتفق عليه المتحاورون تمثيلا ديبلوماسيا بين لبنان وسوريا يحتاج بداية الى معاودة الاتصالات بين المسؤولين في البلدين واجراء محادثات من اجل اعادة العلاقات اللبنانية – السورية الى طبيعتها وعدم انتظار نتائج التحقيق الدولي في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه، اذ ينبغي الفصل بين مصير هذه العلاقات ومصير التحقيق. حتى ان الموافقة على البرنامج الاصلاحي تحضيرا لمؤتمر "بيروت – 1" وضماناً لنجاحه تحتاج الى موقف ايجابي من سوريا والا فان بعض من تبقى من حلفائها قد يعرقلون الموافقة على هذا البرنامج لتعطيل انعقاد المؤتمر. وها ان بعض حلفائها بدأوا باعلان معارضتهم خصخصة بعض المرافق العامة وهي جوهر هذا البرنامج.

لذلك، لا بد من مراقبة سير جلسات الحوار المقبلة ومدى تأثير سوريا في بعض المتحاورين. فاما ان يتصرف هؤلاء حيال المواضيع المطروحة بارادة حرة ووفق ما تمليه عليهم مصلحة الوطن. فيتم التوصل الى اتفاق على موضوع رئاسة الجمهورية وموضوع سلاح "حزب الله" او تكون سوريا قد اعطيت دورا لتسهيل التوصل الى هذا الاتفاق، او يكون لسوريا تأثيرها في بعض المتحاورين فتسعى الى عرقلة التوصل الى اتفاق على هذين الموضوعين المهمين اذا لم تعط اي دور او اذا كان لهذا الدور ثمن غير مقبول، لأن سلاح "حزب الله" وموضوع رئاسة الجمهورية هما آخر ما تبقى لها من اوراق ضغط وتفاوض في يدها ولن تتخلى عنهما بسهولة.