يدعيوت أحرونوت

تمار غوجنسكي
(عضوة كنيست سابقة ومن قادة حداش)

يمكن فض السجال بشأن من أوجد مصطلح "الانطواء" (ذي الرنة الإيجابية) بدل "فك الارتباط" (ذي الرنة السلبية) بتحديد أن السجال يدور حقيقة حول من أوجد أولاً البلاطة التي تصطف عليها حالياً الأحزاب السياسية. وقد سبق أن أعلن قادة الاصطفاف عن رغبتهم العميقة في أن يكونوا في الحكومة المقبلة، التي سيقودها على ما يبدو حزب كاديما، الذي هو بنفسه بلاطة يصطف عليها لاجئو الليكود والعمل وحتى بعض الذين اعتُبروا في الماضي يساريين راديكاليين. وإذا ما سار كل شيء على ما يرام، وأقام أولمرت حكومة من أقصى اليسار الى أقصى اليمين، فسوف ينشأ في نهاية المطاف وسريعاً حزب "سوبر" يواصل "درب شارون" ويُقسم على الإخلاص لـ"الكتل الاستيطانية"، ولا يتحدث مع الفلسطينيين (لأنه كما هو معلوم ليس هناك من نتحدث معه)، وسرعان ما يعلن أنه لن يبقى هناك فقراء.
لمن يبدو له التوصيف أعلاه تهكمياً، فالأجدر به أن يستيقظ من حلم "وحدة وطنية" ويعترف بالواقع المر: الحوار بصيغة الليكود ـ لايت خاصة شارون ـ أولمرت سينتج مسخاً حزبياً. وهذا المسخ سيقطع الطريق على أي فرصة للسلام، لأنه سيضم نصف الضفة ويمنع إقامة دولة فلسطينية مستقلة، قادرة على النهوض بنفسها؛ وسيخلّد الفقر لأنه سيستمر في سياسة شارون ـ نتنياهو للخصخصة وعصر النفقات؛ ويجعل من الديموقراطية أضحوكة من خلال تغيير أسلوب الانتخابات، بحيث يقود الى معركة حزبين كبيرين على شاكلة الصيغة الأميركية.
المشكلة تفاقمت مع إقامة حزب الذي "كل شيء فيه"، حزب كاديما، الذي يقوده أولمرت حالياً، عزيز المقاولين وبقية الأغنياء أصحاب الملايين. لكن هذا الحزب أصبح قاتلاً عندما طرح الجميع ـ من ليبرمان الى ميرتس والعمل وسطهم ـ أنفسهم كشركاء في حكومة أولمرت. فغداة الانتخابات ستكون الفرصة لكل الانتهازيين، وكل الذين يدوسون على كراماتهم عن طيب خاطر ويدوسون على العدالة الاجتماعية، وعلى السلام العادل، وعلى مكافحة العنصرية ومساواة المرأة ـ كل ذلك لأجل كرسي في الحكومة التي ستفعل بالضبط عكس ما تعد به الناخبين.
ثمة من يدرك هذه الصورة المكدرة ويتوصل الى استنتاج بأنه من الأفضل عدم أخذ دور في هذا الأمر المثير للاشمئزاز وعدم المشاركة في الانتخابات. يمكن تفهم هذا الشعور، لكن لا يجوز التسليم بالنتيجة. قبل سبعين سنة كتب الشاعر برتولد بريخت مثلاً حول بيت يشتعل، حيث روى أنه رأى بيتاً يشتعل سقفه وسكانه لا زالوا فيه. فدعاهم للخروج سريعاً لكنهم لم يستجيبوا له لأنهم لم يحصلوا على أجوبة على كل الأسئلة. وخلص الى أن هؤلاء سيحترقون قبل أن ينهوا طرح الأسئلة.
كذلك بيتنا يشتعل. لذلك، من يمقت الحرب والاحتلال واغتناء قلة على حساب الوضع المتدهور لكثرة، وتمييز من كل نوع وصنف، لا يجوز له أن يكتفي بطرح أسئلة. صحيح أنه لا تكفي المشاركة في الانتخابات وتعزيز اليسار من أجل إطفاء الحريق، لكنها جديرة بتعزيز معارضي الغول السياسي الناهض والمتنامي أمام ناظرينا.
من أجل إطفاء الحرائق هناك عمل سياسي ملح. التصويت هو أيضاً عمل شبيه.