هآرتس

زئيف شيف

في الوزارات التي هي على صلة بالموضوع الفلسطيني كما في المؤسسة الأمنية والأجهزة الاستخبارية يسود الندم على سماح إسرائيل لحماس بالمشاركة في الانتخابات التشريعية الفلسطينية. ويقولون أنه كان من الخطأ السماح لحماس بالمشاركة في اللعبة الديموقراطية من دون أن توافق على شروط مسبقة.
إلا أن الصراع ضد حماس على الشروط كان يجب أن يكون قبل الانتخابات. فإسرائيل لم تكن تستطيع منع الانتخابات في قطاع غزة الذي أعلنت الانفصال عنه. كان على إسرائيل مطالبة الفلسطينيين بتطبيق الاتفاقيات القائمة، والتي تحدد بشكل واضح من لا يحق له من المرشحين والأحزاب المشاركة في الانتخابات.
تقول شخصيات فلسطينية اليوم أن إسرائيل أخطأت في سماحها لحماس بالمشاركة في الانتخابات. وقد طلب محمود عباس مرة بعد أخرى تأجيل الانتخابات، إلا أنه أراد أن تقوم إسرائيل بهذه المهمة مكانه، خصوصاً في القدس، حيث يستطيع أن يتهمها بذلك. إسرائيل رفضت الاقتراح ووقعت في ورطة ذاتية. في إسرائيل يكثرون من اتهام عباس بفوز حماس، إلا أن لإسرائيل ضلع في الأمر حيث كانت تريد فعلاً عودة فتح الى السلطة، إلا أنها قدمت لها مساعدة ضئيلة جداً.
لقد جر فوز حماس في أعقابه ظاهرة أخرى: انتقاد إسرائيلي حاد ضد الإدارة الأميركية، من قبل شخصيات وجهات سياسية رفيعة المستوى، تشترط عدم ذكر اسمها عند حديثها في الأمر. ويبرز الانتقاد أيضاً داخل مؤسسات مهنية كالأجهزة الاستخبارية، حيث يتحدثون عن إلغاء الذات أمام الأميركيين، الذين تحدثوا بلغة الأمر. الآن يقولون أنه كان من الخسارة أن لا تتحلى إسرائيل بجرأة رفض "النصيحة" الأميركية.
على المنتقدين أن يتذكروا أن إسرائيل وواشنطن لم يُصدروا أي انتقاد عندما تعهد عباس لحماس بإشراكها في الانتخابات وفقاً لشروطها، بل وتعهد أنه سيدعم موقف حماس في موضوع اللاجئين. لقد كانت اتفاقية التهدئة كالمخدر المُسكر بالنسبة لإسرائيل: المصريون توسطوا، وحماس تعهدت أمامهم بأنها ستمدد التهدئة لعام إضافي في حال أجريت الانتخابات من دون أي شروط مسبقة.
الانتقادات الإسرائيلية موجهة أيضاً ضد انعدام الفهم الأميركي لما يجري في العالم العربي. فقد عرضت واشنطن، عبر العملية الديموقراطية التي مكّنت حماس من السيطرة على السلطة الفلسطينية، الأردن للخطر، وهو البلد الذي يأوي أغلبية فلسطينية وجماعة إسلامية قوية. كما أن الضغط الأميركي على الرئيس المصري لإجراء انتخابات نزيهة أدى الى تغيير مهم في تركيبة البرلمان المصري. وقد لاحظ مبارك تزايد قوة الإخوان المسلمين في الجولتين الأوليين من الانتخابات، ولذلك لجأ الى وسائل تشويشية في الجولة الثالثة والأخيرة. لكن على الرغم من ذلك حصل الإخوان المسلمين على نحو عشرين في المئة من مقاعد البرلمان، الذي سيكون برلماناً صاخباً في مناهضته لإسرائيل والسلام معها.
الخطأ الذي ارتكب في انتخابات السلطة الفلسطينية والانتقادات ضد واشنطن هما بمثابة جرة قد كسرت. الآن يجب تقليص الأضرار والوقوف على الاحتمالات المختلفة. حتى واشنطن غير راضية عن فوز حماس وتريد إحداث تغيير في الوضع، على الرغم من حقيقة أنه تحدد عبر انتخابات ديموقراطية.