كلام لارسن عن الحوار و«حزب الله» يعيد تنفيذ القرار 1559 الى الساحة اللبنانية بدل ‏السوري

الاسابيع المقبلة حافلة بالتطورات وقمة الخرطوم مبكرة في توقيتها على صنع الحلول

التاريخ يعيد نفسه، ولكن بصور ونتائج مختلفة.‏

في 21 تشرين الاول من العام 2005 اصدر رئيس لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الرئيس ‏رفيق الحريري، القاضي الالماني ديتليف ميليس، تقريره النهائي وقدمه الى مجلس الامن الدولي ‏قبل ان يعلن الاخير تمديد مهلة ميليس الى 15 كانون الاول الفائت. واعلن ميليس في تقريره ‏اشتباهه بتورط سوري في الجريمة، مبيا انزعاجه من عدم تعاون سوريا كما يجب مع لجنة ‏التحقيق الدولية.‏

وفي الاسبوع التالي لصدور تقرير ميليس، قدم المبعوث الخاص للامين العام للامم المتحدة تيري ‏رود لارسن تقريرا قيم فيه بدوره، ما تمّ انجازه على مستوى التنفيذ الفعلي للقرار الدولي ‏‏1559، دون ان يغفل اعرابه عن عدم تعاون سوري في هذا المجال. ونتيجة لتقريري ميليس ‏ولارسن اصدر مجلس الامن الدولي قراره رقم 1636 الذي اجتهد الجميع في محاولة استقراء المراحل ‏التي ستليه في عملية الضغط الدولية المستمرة على سوريا.‏

القرار 1636 كان صريحا من حيث الضغط على سوريا على خلفية اتهامها بالضلوع في جريمة ‏اغتيال الرئيس الحريري علما ان التحقيقات لم تكن قد انتهت الى حقائق مدموغة بالادلة ‏والبراهين، الامر الذي اعتبره البعض دليلا على ان الضغط الدولي على سوريا يهدف الى ما هو ‏ابعد من جريمة الاغتيال ويتصل بما يعتبره المجتمع الدولي واجبا على سوريا القيام به وهو ‏تنفيذ القرار 1559.‏

اليوم وبعد مرور اكثر من خمسة اشهر، اصدر القاضي البلجيكي سيرج براميرتز، المكلف ‏استكمال التحقيق الدولي في جريمة اغتيال الرئيس الحريري، تقريره الاول في 15 آذار الجاري. ‏واعلن فيه عن تعاون سوري جيد في التحقيقات التي تجريها اللجنة الدولية، وعن اسقاط ‏اللجنة لخيوط تحقيق قديمة، وتوصله الى خيوط جديدة في التحقيقات، ووصوله الى تصور كامل حول ‏كيفية حصول جريمة الاغتيال وطريقة التنفيذ وادوار المنفذين و...‏

وكانت ردة الفعل الاولى على تقرير براميرتز ارتياحا في الاوساط الدولية مع تثمين عربي ‏وغربي للتعاون السوري ادى الى تعويم للنظام السوري وتهميش للاصوات الداعية الى قلب ‏النظام في سوريا.‏

وكما حصل في السابق، كذلك اليوم.‏

فعشية صدور تقرير المبعوث الخاص للامين العام للامم المتحدة تيري رود لارسن حول تنفيذ ‏القرار 1559، كان كلام لارسن غداة انتهاء جولته على المسؤولين اللبنانيين عنوانا واضحا ‏لما يتضمنه تقريره الثاني بشأن القرار الدولي 1559. فضلا عن ان المؤتمر الصحفي الذي عقده ‏قبل مغادرته بيروت يأتي منسجما مع تقرير براميرتز في محاولة التخفيف من اجواء الاحتقان ‏والتصعيد الدولي ضد سوريا.‏

فقد اعاد لارسن امر تنفيذ القرار 1559 الى الساحة الداخلية اللبنانية بعدما كان في ‏السابق مهمة سورية. وذلك من خلال اشادته بمؤتمر الحوار الوطني واصفا اياه «بالانجاز ‏العظيم» و«الحدث التاريخي»، وقائلا :«ان لبنان يخوض غمار البحر ولا بد للمعنيين ان ‏يستمروا بالعمل معا من اجل انقاذ هذا المركب .. و«الطائف» سيلهمهم ويدلهم الى الطريق ‏‏.. والطائف يقوم عليه الحوار الوطني والمهم تطبيقه وهذه المبادىء في صلب القرار 1559». ‏كما دعا لارسن الى ادماج حزب الله بالجيش اللبناني، مع ما يعني ذلك من تراجع عن النظر ‏اليه كمنظمة ارهابية. وانتهى بالاشادة غير المباشرة بما اعلنه نائب الرئيس السوري فاروق ‏الشرع عن ان سوريا توافق على لبنانية مزارع شبعا، طالبا من الحكومة اللبنانية التحرك ‏مع سوريا لتثبيت لبنانية المزارع لدى الامم المتحدة بالاجراءات القانونية اللازمة.‏

وفي هذا الاطار تنظر مصادر ديبلوماسية الى تقرير لارسن الثاني على انه سوف يأتي منسجما ‏ليس فقط مع لقاءاته التي اجراها في المنطقة بل مع الانفراجات التي بدأت تلوح على مستوى ‏اكثر من ملف في المنطقة، ولا سيما في ملف العلاقات الاميركية - الايرانية التي من المتوقع ان ‏تبدأ محادثات بين البلدين على خلفية الملف العراقي، فضلا عن تقارب اميركي - سوري بدأ ‏يترجم عمليا في تخفيف الخناق الدولي على سوريا والحد من عمليات عزلها والعودة الى تعويم ‏دورها في المنطقة.‏

وتتوقع المصادر ان تكون الاسابيع المقبلة حافلة بالتطورات الدولية بحيث ترتسم صورة ‏العلاقات الدولية مع سوريا قبل صدور تقرير براميرتز الثاني في جريمة اغتيال الرئيس ‏الحريري، علما ان تقارير لجنة التحقيق الدولية منفصلة عن الكباش الدولي مع سوريا الا ‏انها ترتبط بها بطريقة غير مباشرة تحت عنوان التعاون السوري مع التحقيق الدولي، وهذا ‏الربط يشتد او يخف بحسب المفاوضات الدولية الجارية مع سوريا حول ملفات المنطقة.‏

وتختم المصادر بالاشارة الى ان قمة الخرطوم المنتظر انعقادها اليوم قد لا تحمل معها الكثير ‏ليس بسبب عدم فعالية المشاركين فيها، بل لانها تأتي مبكرة في توقيتها على اعلان الحلول ‏للازمات والملفات الاقليمية الموضوعة على مشرحة التفاوض.‏