نضال الخضري

على سياق عشقي لضوء لم يولد، وعلى مساحة جسد أي أنثى يتم إخصابها لحظة يريد الذكر، تأتي تاء التأنيث وكأنها قدر معلق على خاصرة المجتمع، بذكوره وإناثه، وبطيفه المتنوع بدء من التشدد والتستر تحت العمائم، وصولا إلى المقاهي التي تنشر الحرية ثم تختفي فجأة وكأنها صورة عن جاهزة أخرى لأجيال "مبتكرة".

تاء التأنيث التي تلاحقني هي "ساكنة" بطبعها وبحكم فقهاء اللغة الذي لم يخلقوا الأنوثة لكنهم كانوا قادرين على وصمها بالسكون الجيلدي، وبمنحها سمة لا تنتهي من القدرة على الاستمرار ضمن تقلب العواطف... فكيف أفهم هذه التاء التي لم تجعلني يوما ساكنة؟ ثم لم تتركني إلا على بركان من الفوضى التي يرسمها "العالم العربي" على هامش قممه المتكررة؟ أليست "القمة" بحكم اللغة أنثى؟

أفكر اليوم أن فقهاء اللغة كانوا محترفي سياسة، وهم وجدوا التاء مرمية على خاصرة الأنثى، فابتدعوا النظرية الأخير في تقسيمنا لغويا على الأقل لتصبح الأسماء في العربية مقسومة، وليصبح "اسم الجنس" حالة لا يمكننا الهروب منها، ولتغدو "السياسة" جزء من التكوين العام لثقافة ذكورية الطابع، تهوى "التخصيب الصناعي، والتعقيم، لتهرب من مسؤولية "النسب" وفضيحة "الولادة". فكانت تاء التأنيث تعبيرا عن افتراق عالمنا لذكور وإناث، وكانت ساكنة لأن القدرة على "التخصيب" محشورة في الذكور ... فلا نتوقع من أي مشهد ساكن أن يضج بالحركة.

لست غاضبة من هذه "الميزة" ... ولا أكره التاء فهي مبسوطة بطبعها مثل جسد الأنثى ... ومثل صور آلهة الينبوع ... لكنني أكره القتل على طريقة علماء أصول الفقه أو اللغة ... لأنني أصبح مصلوبة على أحرف الهجاء ومتكونة في كل لحظة على شاكلة ما يهوى الآخرين النطق به ... فالأنثى أصبحت لغة خارج المساحات التي تريدها ... رهينة الأحرف المتساقطة على جوانب التحليلات السياسية.
ليس من الحكمة تبديل اللغة ... وربما لا يمكن إنهاء "التاء" أو شطبها من تاريخ الأنوثة ... لكنني على الأقل أستطيع أن أكون "متحركة" .... خارج السكون الذي يلف كل شيء بدء من القمة العربية وانتهاء بالحركة ما بين المنزل وتفاصيل الحياة.