النهار

وجه الرئيس الاميركي جورج بوش انتقادا صارما الى سوريا وايران بسبب تدخلهما في شؤون العراق لمنع تطوره الديموقراطي، ووجه "رسالة واضحة جدا لبشار الاسد جاء فيها انه "اذا كان الرئيس السوري يتوقع ان يتم الترحيب ببلاده في المجتمع الدولي، فعليه عدم عرقلة تطور الديموقراطية في لبنان وتحرره من "الخناق"السوري، ووقف عمليات التسلل من سوريا الى العراق، والتعاون الكامل مع التحقيق الدولي في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري".

وجدد بوش، في خطاب القاه امام مؤسسة "فريدوم هاوس" المعنية بالديموقراطية في العالم تصميم حكومته على مواصلة مساعدة العراقيين في تطوير ديموقراطيتهم. وكرر ان عام 2005 شهد ارتفاع موجة الحرية في العالم من كابول الى بغداد فبيروت وما هو ابعد. وأكد خلال ردوده على اسئلة الحضور انه يؤمن بأنه بعد 30 سنة سينظر الناس الى الوراء، الى هذه اللحظة التاريخية، ليعربوا عن امتنانهم الى جيل من الاميركيين الذين وقفوا وراء الحرية والايمان بالحرية ولوضع اسس السلام، وان يقوم رئيس اميركي في المستقبل بمناقشة قضايا السلام مع مسؤولين منتخبين شرعيا في الشرق الاوسط.

وسئل عن طبيعة القوى التي تحارب الولايات المتحدة في العراق، فأجاب ان هناك ثلاث فئات: "الرفضيون" السنّة الذين شعروا ان العراق الجديد سيكون تحت قيادة شيعية وان ذلك قد يكون على حسابهم. ورأى ان هؤلاء بدأوا يدركون ببطء ان الديموقراطية هي لمصلحتهم ايضا. اما الفئة الثانية فهي "الصدّاميون" الذين حصلوا على امتيازات كثيرة خلال عهد صدام حسين وهم غاضبون لانهم خسروها الان. اما الفئة الثالثة فهي تنظيم "القاعدة"، الذي يحصل على "الدعم الاجنبي والاموال والملجأ الآمن" وقال: "الدولتان اللتان تسببتا لنا بالقلق الاقصى هما بالطبع جارتا العراق، سوريا وايران، ونحن نقول لهما على نحو واضح جدا ان مصلحتهما تقضي بتطور الديموقراطية العراقية".

واضاف ان العلاقة مع سوريا "معقدة بسبب لبنان" وان استدرك ان وضعها غير معقد بشكل عام بمعنى ما هو متوقع منها. وقال: "تركيزنا الاولي على سوريا لوقف التسلل عبر الحدود (مع العراق) الامر الذي تطلب منا بصراحة ان نغير تكتيكاتنا ميدانيا وان نمضي الوقت الطويل في تدريب الناس على وقف التسلل، لان هناك شكوكا حول ما اذا كنا نحصل على التعاون الكافي من الجانب الاخر على الحدود".

وكرر الانتقادات الاميركية لسوريا حيال لبنان قائلا: "أمضينا وقتا طويلا في العمل مع فرنسا بالتحديد كي نبلغ سوريا بشكل واضح جدا اننا نتوقع ان يسمح السوريون للديموقراطية اللبنانية بالتطور".

وفي اشارة الى الهيمنة السورية الطويلة على لبنان، قال: "اعتقد انه من الصعب عليهم (السوريون) التخلي عن دولة كانوا يمسكونها بشكل خانق".

وبعدما اشار الى الانسحاب العسكري السوري من لبنان، السنة الماضية، اضاف: "ان اهتمامي الاساسي كان معرفة ما اذا كانوا قد سحبوا الجنود فقط، وما اذا كانوا قد سحبوا أو لم يسحبوا عناصر المخابرات وغيرهم من الناس الذين كانوا في مواقع تسمح لهم بالتأثير على مستقبل البلاد".

وهنا انتقل بوش الى أهمية تعاون سوريا مع التحقيق الدولي باغتيال الرئيس الحريري، قائلا: "من الضرورة بمكان ان يكون هناك تعاون كامل في التحقيق بمقتل السيد الحريري (...) ولكن رسالتنا لبشار الاسد انه اذا أراد ان يتم الترحيب ببلده في العالم، فان عليهم (السوريون) ان يعتقوا لبنان ويوقفوا التسلل عبر الحدود، وعدم السماح لحزب الله والجهاد الاسلامي الفلسطيني وغيرهما من التنظيمات الارهابية عقد اجتماعات داخل البلاد.

وكرر موقف بلاده المعروف الآن من ايران وبرنامجها النووي، مجددا رفض حكومته السماح لايران بتطوير الاسلحة النووية. واشار في هذا السياق الى المساعي والجهود الاوروبية التي بذلت في السابق مع ايران واحالة الملف النووي الايراني على مجلس الامن تمهيداً لاستصدار بيان رئاسي يطالب ايران بوقف برنامجها النووي.

واشار الى ان وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس ستقوم بجولة اوروبية هذا الاسبوع لمناقشة البرنامج النووي الايراني، بالاضافة الى قضايا اخرى كان مسؤولون اميركيون قالوا ان لبنان من بينها.

واتهم بوش نظام صدام حسين بتعميق الخلافات وزيادة الاستقطابات الدينية والمذهبية والعرقية خلال حكمه والتي برزت على السطح بعد اطاحته. وتفادى الاجابة عن سؤال عما اذا كان يمكن ان يؤيد نظاماً في مصر يرأسه جمال مبارك نجل الرئيس حسني مبارك، وقال ان امام مصر الفرصة لتكون من بين قادة "حركة الحرية" في الشرق الاوسط. ورفض بوش الطروحات والانتقادات الموجهة الى حكومته والقائلة ان الانتخابات يجب ان تنتظر تطوير المؤسسات الاجتماعية، وقال ان الذين يدعون الى انتظار بروز ظروف مثالية لاجراء الانتخابات او ظروف تسمح لهم بتوقع نتائجها، يستخدمون ذلك "ذريعة للحفاظ على الوضع القائم".

وعن موقف حكومته الرافض للتعامل مع حركة المقاومة الاسلامية "حماس" في فلسطين بعد فوزها في انتخابات نزيهة، قال انه لا يزال يؤمن بقيام دولة فلسطينية مستقلة تعيش بسلام مع اسرائيل، لكنه لا يستطيع التعامل مع حركة ترفض اسس عملية السلام او الاعتراف باسرائيل او تقديم الدعم لها. لكنه اكد ان الدعم "للفلسطينيين المعذبين" يجب الا يتوقف. وكرر الاعراب عن قلقه لمعاناة الفلسطينيين. واشار الى ان هناك مساعدات اميركية تقدم مباشرة الى الشعب الفلسطيني، وقال انه سيواصل دعوته الحكومات في المنطقة لمواصلة دعم الشعب الفلسطيني، واضاف: "انا انتحب للفلسطينيين الذين يعانون، وانا انتحب تحديداً لما قامت به قيادة خذلتهم سنة بعد سنة. والآن حان الوقت لقادة اقوياء ليقفوا ويقولوا: نريد ان يقرر الشعب". وكرر موافقته على ان الانتخابات كانت نزيهة، ولكنه اضاف "ولكن الآن على الحكومة ان تتخذ قرارها. وسوف نواصل مراقبة الوضع بدقة بشأن الخيار الذي سيتخذونه".

رايس

وكانت رايس قالت خلال شهادة لها الثلثاء امام لجنة الاعتمادات في مجلس الشيوخ ان واشنطن تواصل اتصالاتها مع حلفائها ليس فقط من اجل احتواء البرنامج النووي الايراني وانما لمناقشة سبل التصدي "لدعم ايران الارهاب".

وشددت على ضرورة توسيع الائتلاف المناهض للسياسة الايرانية و"نحن لا نستطيع من جهة ان نتحدث عن الحاجة الى اتفاقات سلام في الشرق الاوسط، وان نغمض عيوننا على ما تفعله ايران في الاراضي الفلسطينية. ونحن لا نستطيع التحدث عن التخلص من النفوذ السوري في لبنان وتحقيق الديموقراطية في لبنان، والتحدث عما يقدمه الايرانيون الى "حزب الله".

واشارت خلال مناقشتها طريقة انفاق مبلغ 75 مليون دولار طلبت من الكونغرس تخصيصه لنشاطات اعلامية ضد النظام الايراني، الى وجود عدد من "الادوات" المتوافرة لاميركا في المواجهة مع النظام الايراني بينها "ابراز التناقضات بين الشعب الايراني والنظام الذي لا يمثله من خلال نشاطاتنا الديموقراطية، ومن خلال برامج البث لايران، وتوفير الدعم للتنظيمات غير الحكومية. كذلك من خلال التركيز على سجل ايران بالنسبة الى حقوق الانسان (...) واذا دعت الضرورة اللجوء الى اجراءات اخرى من خلال مجلس الامن، اذا لم يغير الايرانيون موقفهم بالنسبة الى نشاطاتهم النووية واتخاذ اجراءات لعزل الحكومة الايرانية".

وكانت مصادر اميركية مسؤولة قالت ان رايس ستناقش الملف النووي الايراني، ودور ايران في لبنان، خلال لقائها اليوم الرئيس الفرنسي جاك شيراك في باريس، في سياق دولة اوروبية تشمل المانيا وبريطانيا.