الشرق الأوسط
تمويل القوات الأفريقية في دارفور بعد 6 أشهر.. والمبلغ لم يحدد

فاجأ الزعيم الليبي معمر القذافي القمة العربية التي اختتمت أعمالها في الخرطوم امس بانه غادر السودان معتذرا عن عدم القاء كلمته بسبب ارتباطات لديه في طرابلس. وجاء ذلك رغم ان القمة التي كانت قد اختصرت مددت اعمالها الى اليوم لاتاحة الفرصة لالقاء كلمات بعد ان قاطع القذافي الجلسة المغلقة أول من أمس بعد ان كان قد طالب بالقاء كلمة علنية. وحسب بعض المصادر في كواليس القمة فان المرجح ان يكون السبب في مقاطعة القذافي للجلسة الختامية ان معظم القادة الحاضرين كانوا قد غادروا فعلا القمة. وقد عقد القذافي اجتماعا مع الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة استغرق ساعة قبل مغادرته الخرطوم.
وترأس الوفد الليبي في الجلسة العلنية للقمة وزير الخارجية عبد الرحمن شلقم.

وفي الجلسة الختامية اعلن وزير العمل السعودي في كلمة امس بعد ان كان الامير سعود الفيصل وزير الخارجية قد غادر الخرطوم اعتذار بلاده عن عدم استضافة القمة المقبلة، ووفقا لما أعلن فقد تم الاتفاق على عقد القمة المقبلة في دولة المقر (مصر) برئاسة السعودية. وتعقد القمة العربية كل عام في احدى الدول الاعضاء طبقا للترتيب الأبجدي لها. وكانت البحرين اعتذرت في 2003 عن عدم استضافة القمة فعقدت في شرم الشيخ.

من جهة اخرى أعلنت القمة دعمها للسودان وتعهدت الدول العربية بتمويل القوات الافريقية في دارفور ولكنها لم تذهب الى حد رفض قرار مجلس الأمن الذي دعا الى تسريع ترتيبات احلال قوات تابعة للامم المتحدة محل القوات الافريقية.

واكد القادة العرب في قرارهم «تحمل تكلفة قوات الاتحاد الافريقي في دارفور لمدة ستة شهور ابتداء من اكتوبر ( تشرين الاول) المقبل».

ولكنهم اكدوا في الوقت ذاته «إعطاء الاولوية للحل السلمي الشامل» و«العمل على التحرك السياسي والدبلوماسي السريع مع كل الاطراف ذات العلاقة بمسالة دارفور».

وقال مصدر في الجامعة العربية ان تعديلات ادخلت على القرار في اللحظة الاخيرة وحذفت منه أي اشارة الى مبلغ دعم محدد في حين ان المشاورات كانت تدور حول تخصيص مبلغ 150 مليون دولار للمساهمة في تمويل القوات الافريقية.

واكد القادة «على مواصلة الاتحاد الافريقي جهوده وانجاز مهمته في معالجة ازمة دارفور خاصة رعايته الوساطة السياسية ودعمه ومراقبته لوقف اطلاق النار والتأكيد على ان ارسال اي قوات اخرى الى الاقليم يتطلب موافقة مسبقة من حكومة السودان».

واكد الرئيس السوداني عمر البشير في خطابه امام الجلسة الافتتاحية للقمة الثلاثاء ان «قوات الاتحاد الافريقي قادرة على القيام بواجبها في دارفور دون تدخل دولي».

ودعا البشير «المجتمع الدولي والاخوة العرب والافارقة لتوفير التمويل اللازم لهذه القوات وزيادة مشاركة جيوش الدول العربية والافريقية فيها بالقدر المطلوب حتى تتمكن من مواصله مهامها».

وقد اعلن الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى ان الدعم المالي الذي قررت القمة العربية تخصيصه للمساهمة في تمويل قوات الاتحاد الافريقي في دارفور سيبدأ بعد ستة اشهر اي في اكتوبر المقبل.

وفسر الامين العام للجامعة العربية نص القرار الصادر عن القمة مؤكدا انه يتحدث «عن الاشهر الستة التي تبدأ من اكتوبر 2006 الى مارس 2007 لأن تمويل هذه القوات مغطى حتى اخر سبتمبر المقبل».

وفي الجلسة الختامية تلى رئيس كل من موريتانيا ولبنان كلمته في جلسة معلنة ثم تحدث بعد ذلك وزيرا خارجية مصر والعراق لإلقاء كلمات رؤسائهم الى القمة وتحدث ايضا رئيس الوزراء التونسي محمد الغنوشي.

وفي كلمته الختامية اشاد الرئيس السوداني بمشاركة رئيس وزراء تركيا خلال الجلسة الافتتاحية واعتبرها بادرة طيبة ولفتة هامة لدعم العلاقات بين الدول العربية وتركيا، وكذلك للرغبة في الدور الذي تقوم به تركيا في حوار الحضارات والذي يساند العرب والمسلمين في قضيتهم حول الرسوم المسيئة للرسول الكريم.

وثمن البشير قرار القمة الذي اتخذته بشأن دارفور ورفض التدويل وتقديم المساعدات المالية لتمويل قوات عدد من الدول العربية والافريقية، كما استعرض جهود ودور الدول العربية والجامعة في دعم السلام والتنمية في الجنوب ودعا لمضاعفتها بما يضمن تعزيز ودعم وحدة السودان.

وكان الرئيس اللبناني اميل لحود قد تحدث في كلمته للقمة بصفته رئيس الوفد اللبناني عن الحوار اللبناني الداخلي المعمق والذي تتناول فيه القيادات اللبنانية كل الملفات التي تشكل عصب الحياة السياسية في لبنان، وطالب بالدعم العربي لتعزيز الخيارات اللبنانية التي عبر عنها اللبنانيون بكل حرية وفي مقدمتها تمسك لبنان بحقه في استرجاع ما تبقى من ارضه المحتلة في الجنوب، ولا سيما مزارع شبعا اللبنانية.

وحذر لحود مما يجري في العراق من محاولات لفتنة طائفية وعرقية، وقال انه تمهيد لمخططات اكبر واوسع تطال المنطقة بأسرها. واضاف ان ذلك يدفعنا للتأكيد على اهمية استمرار العملية السياسية الجارية في العراق بما يضمن وحدة هذا البلد. واهتم بضرورة تقديم كل الدعم اللازم للسلطة الفلسطينية لمواجهة الضغوط الاسرائيلية.

ولأول مرة يشارك الرئيس الموريتاني العقيد ولد محمد فال، والذي حرص على القاء كلمة له اكد خلالها دعم موريتانيا لاصلاحات جامعة الدول العربية، وتحسين اداء مؤسساتها، وأكد التزامه بتعزيز وتطوير العمل العربي المشترك، وجدد التزام موريتانيا بالعمل مع الدول العربية، لتأييد الجهود الرامية لاقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس وتحقيق السلام العادل والدائم والشامل في المنطقة وفق مبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية.

وأعلن ادانته للارهاب بكافة صوره واعتبره ظاهرة غريبة على المجتمع العربي والإسلامي وعلى القيم الحضارية. وتحدث رئيس الوزراء التونسي محمد الغنوشي، عن النتائج الايجابية التي حققتها القمم العربية في الفترة الاخيرة والى اهتمام الرئيس زين العابدين بن علي بالتطوير والإصلاح ودعم ومساندة كافة القضايا العربية خاصة فلسطين والعراق والسودان.

ورحب وزير الخارجية المصري احمد ابو الغيط باستضافة القمة في مصر وفقا للرغبة السعودية، وقال ان القمة ستعقد في مصر برئاسة السعودية.. وحول تحديات القمة القادمة اوضح ابو الغيط بأن ما صدر عن قمة الخرطوم خاصة فيما يتعلق بفلسطين، ودارفور والملف السوري وانشاء مجلس الامن والسلم تحتاج للاهتمام والمتابعة.

ونفى وجود خلاف بين الرئيس اللبناني اميل لحود ورئيس الوزراء فؤاد السنيورة وهو ما اكد عليه الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى في المؤتمر الصحافي المشترك مع وزير خارجية السودان لام اكول.. في ختام اعمال القمة عندما قال ان مشاركة السنيورة تمت بموافقة الرئيس اميل لحود، وباستثناء القمة لدولة لبنان تحديدا، خاصة ان الرئيس السنيورة كان موجودا في الخرطوم. وكانت جلسة اول من امس شهدت ملاسنة بين لحود والسنيورة استمرت تفاعلاتها امس في لبنان.

وحول تغيير الموقف باعلان السعودية عقد القمة في دولة المقر اوضح الامين العام بأنه لا يوجد شيء مفاجئ فالقمة تعقد في دولة المقر ما لم تقرر الدولة وفقا للحروف الابجدية استضافتها.. واضاف ان القمة تعقد في مصر في مكان ما برئاسة السعودية.

وحول اعتذار القذافي عن عدم القاء كلمته وانسحابه من القمة قال الامين العام لا تحملوا الامور اكثر مما تحتمل. وكشف عن اجتماع عقده معه مساء اول من امس وقال: لقد ناقشت معه عددا من القضايا وانه لم يعتذر وانما لديه ارتباطات في طرابلس.

وعن استعداد الدول العربية لمساعدة الفلسطينيين اكد التزام القمة بتقديم المساعدات المالية حتى في حالة تأخر التمويل من الدول المانحة وقرأ موسى نص القرار الصادر عن القمة في هذا الشأن.

وعلق وزير الخارجية السوداني لام اكول مشيرا الى آلية القمة داخل الجامعة والتي تتكون من الترويكا: (الرئيس الحالي والسابق والقادم).. والامين العام لتنفيذ الاتفاقيات والالتزامات وسئل موسى اكثر من مرة حول امكانية زيادة ميزانية الجامعة العربية وكذلك التزام الدول بدفع حصتها في الموازنة فقال ان هناك ضرورة لمضاعفة ميزانية الجامعة خلال السنوات القادمة.

وحول ما اذا كانت القمة قد عالجت قضية دارفور لمنع التدويل افاد بأنها حظيت باهتمام عربي وافريقي وتتم متابعتها على أعلى مستوى واخذت مناقشات في القمة اكثر من ثلث الوقت خلال الجلسة المغلقة وتلى القرار الصادر من القمة قائلا: 1 ـ دعم سياسة الاتحاد الافريقي في مفاوضات أبوجا.

2 ـ المطالبة بتقديم دعم مالي لتكلفة القوات لمدة ستة اشهر.

ولم يحدد المبلغ الذي تدفعه الدول وان كان البعض قد ذكر بأن المطلوب حوالي 150 مليون دولار لمدة ستة اشهر.

وسئل موسى عن التزام الدول العربية بتنفيذ قرارات القمة.. فأكد ذلك واشار الى ما تحقق من تنفيذ خلال العام الماضي.

وعما اذا كانت «حماس» سوف تعترف بالمبادرة العربية للسلام قال موسى ان حماس لم ترفض المبادرة العربية وليس لدينا ما يشير الى ذلك ويجب ان نترك الامر لبعض الوقت. وعن الموقف من الحكومة الاسرائيلية الجديدة التي تتبنى انسحابا احادي الجانب من الضفة الغربية قال عمرو موسى ان كل ارض تحرر في فلسطين تشكل موقفا افضل، اما ان تعيد اسرائيل الانتشار وتسمي ذلك انسحابا فهذا امر آخر، وجدد موسى الموقف الرافض لان تقوم اسرائيل بتحديد الحدود مع الفلسطينيين من جانب واحد.

ووصف ذلك بأنه لا يمكن تسميته بأنه تقدم نحو السلام.. واضاف ان الموقف الذي تتخذه الجامعة العربية سوف يكون بعد تشكيل الحكومة الاسرائيلية والاعلان عن سياستها.

ورفض موسى مرة اخرى تحويل مبلغ معين للقوات العربية الافريقية التي تذهب الى دارفور وقال ان هناك التزاما بتغطية التكلفة بالزيادة او النقصان الا انه حدد الدول المشاركة اي التي ستشارك بقوات وهي (مصر، ليبيا، الجزائر، موريتانيا) وقال ان هذه الدول لها قوات بالفعل والمطلوب هو زيادة عددها.

واوضح الامين العام بأن مؤتمر الاردن سوف يعالج قضية خطيرة وهي التمزق الطائفي التي تحدث حاليا في العراق وحذر من مخاطرها وقال انها قد تؤدي الى اضعاف العراق اكثر مما هو حادث الان. وحول عدم تحديد القمة لجدول زمني لخروج قوات الاحتلال اكد موسى ان الاحتلال يدخل ويخرج لكن الاخطر هو التمزق الطائفي والذي يجب معالجته في اسرع وقت ممكن.