"كاديما" حقّق أسوأ طموحاته و"العمل" أفضلها والإتجاه لائتلاف بينهما

صدى البلد

يستعد رئيس الوزراء الاسرائيلي بالوكالة ايهود اولمرت لتشكيل حكومة ائتلاف بهدف رسم الحدود النهائية لاسرائيل بعد فوز حزبه "كاديما" اليميني الوسط في الانتخابات التشريعية التي اعادت رسم الخريطة السياسية الاسرائيلية.

فبعد فرز جميع الاصوات تقريبا في الانتخابات التي جرت الثلثاء، اعلن فوز حزب "كاديما" (الى الامام) بأكبر عدد من مقاعد البرلمان بعد اربعة اشهر من تشكيله على يد رئيس الوزراء ارييل شارون الذي يعاني من غيبوبة. الا ان الحزب لم يحصل على عدد كاف من الاصوات ليحكم البلد منفردا.

واعلن مكتب الرئيس الاسرائيلي موشيه كاتساف امس ان المشاورات الرامية الى تشكيل حكومة ائتلافية ستبدأ الاحد. وقالت ناطقة باسم الرئاسة ان "الرئيس سيبدأ الاحد مشاورات مع رؤساء الاحزاب وسيجري حتى ذلك الحين اتصالات تمهيدية لهذا الغرض".

ويتوقع ان يتم تكليف اولمرت بتشكيل الحكومة بعد تأكد فوز حزبه بـ 28 من اصل 120 مقعدا في الكنيست بعد فرز 99 بالمئة من الاصوات, يليه حزب "العمل" اليساري الوسط (20 مقعدا) ثم حزب "شاس" الديني المتطرف (13 مقعدا) وحزب "اسرائيل بيتنا" اليميني المتطرف للناطقين بالروسية (12 مقعدا) ثم حزب "الليكود" اليميني (11 مقعدا).

وحصل "الاتحاد الوطني" و"الحزب الوطني الديني" (متشددون دينيون) على تسعة مقاعد وحزب "اليهودية الموحدة للتوراة" المتشدد على ستة مقاعد وحزب "ميريتس" اليساري على اربعة مقاعد. وحصلت اللوائح العربية الثلاث مجتمعة على عشرة مقاعد.

وتعني هذه النتائج ان اولمرت لن يكون امامه سوى دعوة حزب "العمل" الى تشكيل ائتلاف اضافة الى احزاب صغيرة من بينها حزب "المتقاعدون" الذي يتزعمه الرئيس السابق للموساد رافي ايتان والذي حقق فوزا مفاجئا بسبعة مقاعد.

وقال دوف فايسغلاس كبير مستشاري مكتب رئيس الوزراء ان خطة اولمرت لرسم الحدود تحظى باغلبية في البرلمان. واضاف "اعتقد ان التحالف سيضم او يمكن ان يضم على الاقل الاطراف السياسية التي تستطيع وستكون مستعدة لدعم تلك الخطة". وقالت مايا جيكوبز وهي ناطقة باسم "كاديما" إن محادثات غير رسمية لتشكيل الائتلاف مع الأحزاب الرئيسية بما في ذلك حزب "العمل" بدأت بالفعل.

ورغم ان نتيجة الانتخابات تؤذن بمفاوضات طويلة لتشكيل ائتلاف، فقد اوضح اولمرت هدف الحكومة بشكل جلي. وقال متوجها الى الفلسطينيين اثر صدور النتائج غير الرسمية: "اني مستعد للتخلي عن حلم اسرائيل الكبرى. نحن على استعداد لاجلاء يهود يعيشون في مستوطنات كي نتيح لكم تحقيق حلمكم بأن يكون لكم دولة". واضاف "لكن يجب ان تتخلوا عن حلمكم في التدمير". وتابع "اذا وافق الفلسطينيون على التحرك في هذا الاتجاه، فسوف نجلس معهم الى طاولة المفاوضات من اجل خلق واقع جديد في المنطقة. لكن اذا لم يفعلوا ذلك فسنقرر مصيرنا على اساس اتفاق واسع وتفهم عميق مع اصدقائنا في العالم". واوضح انه "في هذه الحالة سنتحرك بدون موافقة الفلسطينيين. آن الاوان للتحرك".

وبموجب الخطة من المقرر ترحيل نحو 70 الف مستوطن يعيشون في مستوطنات معزولة في الضفة الغربية في خطوة تشبه خروج المستوطنين اليهود من قطاع غزة العام الماضي بموجب خطة شارون. وفي المقابل يرغب اولمرت في تعزيز السيطرة على الكتل الاستيطانية الكبيرة التي تضم باقي الربع مليون اسرائيلي الذين استوطنوا في الاراضي الفلسطينية ابتداء من عام 1967.

وجاء أداء "كاديما" أسوأ مما كان متوقعا في الانتخابات ما يشير إلى احتمال ان يواجه صعوبات في الإبقاء على التأييد لخطته. غير أن بعض المحللين السياسيين قالوا إن أولمرت لا بد أن يكون قادرا على تشكيل ائتلاف من شأنه تجنب الحاجة للتفاوض مع الأحزاب اليمينية التي تعارض أي انسحاب من الضفة الغربية التي يعتبرها المستوطنون أرض الميعاد التوراتية.

وقال شيمون بيريز السياسي المحنك وعضو "كاديما" لاذاعة الجيش الاسرائيلي "أعتقد أن بإمكاننا قيادة حكومة بثمانية وعشرين مقعدا. سيكون صعبا ولكنه ممكن". وكانت استطلاعات الرأي توقعت من قبل حصول "كاديما" على 44 مقعدا.

وبمعزل عن الخلافات العقائدية، اصبح البرلمان الاسرائيلي يضم غالبية ساحقة تؤيد انسحابا من الضفة الغربية وتفكيك عشرات المستوطنات لكن مع ابقاء تجمعات استيطانية. علما ان الامتناع عن التصويت بلغ نسبة لا سابق لها, حوالى اربعين بالمئة. وبلغت نسبة المشاركة في هذه الانتخابات 63,2 بالمئة وهي الادنى في تاريخ اسرائيل.

في المقابل لن يكون اليمين القومي الذي كان دائما في السلطة منذ 1977 قادرا على تشكيل حكومة جديدة مع انهيار اكبر احزابه "الليكود". ومني هذا اليمين الذي يضم مؤيدي "اسرائيل الكبرى" المعارضين لاي انسحاب ولاي تفكيك لمستوطنات، بهزيمة ساحقة للمرة الثانية بعدما تبين في آب وايلول 2005 انه عاجز عن مقاومة الانسحاب من قطاع غزة. ورأت الصحف الاسرائيلية ان الانتخابات، كرست انهيار اليمين المعارض للانسحابات.