نجيب نصير

بين النضال والجهاد مسافة ضخمة تختصرها اللغة ، وبين النضال والفساد مسافة ضئيلة تلغيهااللغة، ومع هذاوذاك هناك النتائج التي لا يمكن لأحد أو شيء أو أداة ان تلغيها، ليضاف إلى شرط النضال الأكثر شهرة: الغاية الشريفة تحتاج إلى وسائل شريفة … يضاف إليه وحداثية …

فالتحدي الذي يدفع إلى النضال ليس منتجا لغويا كي نقارب لساننا معه ونكون مخلصين لمعانيه ووعوده ، فهذا التحدي هو مشروع حداثي معاصر وواقعي لا ينفع معه الا مشروع معاصر وحداثي مقابل.

كما لا ينفع معه اي تذاكي في اكتشاف نواياه ، فلا يعني شيئا ان تكون ذكيا ومهزوما، كما لا ينفع معه اية مقارنة من قبيل لماذا هم وليس نحن (لماذاالهند مثلا يسمح لها بمشروع نووي والعراق لا) هذه الماذاالمعممة على كافة الحسرات من قضية الحجاب الفرنسية حتى قضية الرسوم المسيئة، فالديمو قراطية ليست كلمة وانما تربية وممارسة على الارض، لايشفع لعدم تطبيقها كل لغات الارض، والاقتصاد والادارة والثقافة الخ كلها ممارسات على الارض اذا لم تمارس بكل صدق وتحت رقابة المجتمع وقدرته على المحاسبة فانها لا تذهب ادراج الرياح فقط وعفى الله عما مضى بل ان هناك فاتورة يجب تسديدها انها فاتورة الهوان … حيث لاتنفع الذرائع اللغوية التي تدفع بالاخلاص الى المعاني المعجمية للكلام . ليتحول الظلم الى عار واللغة الى خديعة ، والوعود الى كذبة ، والحقوق الى موضوع نقاش ، والطائرة المدنية الىقنبلة ، والتراث الى سبب وحيد للبقاء.

ليس هناك وقت محدد للانتقال من اللغة الى الممارسة ، وليست هناك مواسم للانتقال من الماضي الى الحاضر …طالما هناك مقدرة على تسديد الفاتورة ودفع الثمن ، ولكن ماذا اذا لم يبق شيىء صالح للدفع؟ المشكلة كل المشكلة ان يضع المرء ساقيه في قاربين متلاصقين في بحر ( لغويا على الاغلب ) ضامنا توازنه اعتمادا على مهاراته البهلوانية ( لغويا على الاغلب وأيضا ) …. ولكن هل يضمن البحر ؟!!!!