كلمة بسيطة مع ابتسامة كانت كافية لمعرفة الموقع الحقيقي للثمن الديمقراطي الذي قدمته رايس وإدارة بوش هدية لنا، وبشكل يوحي بأن "الديمقراطية" لا يمكن تحقيقها إلا على سياق "آلاف" الأخطاء التكتيكية، بينما انتصر الهدف الأساسي في إزاحة نظام صدام. لكن هذا الثمن الديمقراطي الباهظ لم يكن ممكنا لولا "اجتياح" الديمقراطية لمساحة تفكيرنا وفق سياق من "الفوضى البناءة"، ودون التفكير بأننا قادرون على رسم "استقلالنا الفكري أو بناء ديمقراطية نسعى إليها.

عمليا فإن ما حدث ويحدث هو أن لاحقة "الديمقراطي" لم تعد موضة سياسية فقط .. أو محاولة تبرئة تاريخية، فهذه اللاحقة التي أصبحت حتمية تاريخية لأسماء الأحزاب الجديدة، أو المستجدة ربما تؤكد أننا مازالنا نحتاج لبراءة ذمة، أو للتملص من كل المواضيع الثقافية التي طرحنها منذ الاستقلال.

لاحقة الديمقراطي توحي منذ البداية بأننا أمام زمن "خلع الكوفية" بمعناه الاصطلاحي، وربما تعيدنا لمرحلة فرضت فيه الأنظمة "خلع الطرابيش" .. فهي استبدال إجرائي لمصطلحات "القومي" .. "الثوري" ... "التقدمي" .... وغيرها من كلمات الماضي القريب.

وربما نفكر بان كلمة "ديمقراطي" ستبقى حتمية ولكن ليست تاريخية، لأن الأحزاب التراثية ماتزال مصرة على استبعداها من الاسم الرئيسي لها .. فنحن مازلنا نصادف "الأخوان المسلمين" دون هذه اللاحقة، بل ربما العكس هو الصحيح في مثل هذه التيارات، فهي مصرة على الماضي، بينما "الديمقراطيون" يتحالفون معها .. ويدافعون عن حقها!!!

لاحقة "الديمقراطية" على ما يبدو تشكل الفضاء الواسع لتبرير الاتجاهات الجديدة، والهروب من الاعتراف بعدم القدرة على انتصار الفكر السابق لهذه "اللاحقة" ...

ربما علينا اقتراح فكرة بسيطة كي لا يصاب أصحاب هذه اللاحقة بخيبة أمل .. لماذا لا يتركون فراغا بعد اسم التيار او الحركة أو الحزب، وبالإمكان تعبئته بما يناسب كل فرد ... فالديمقراطية لا تستدعي حضور اسمها في كل عنوان .. وهي في النهاية خيارا عاما وليس بديلا أو براءة ذمة من الماضي.

وهي ليست مبررا لكي ننكشف على مساحة من التفكير الأمريكي فترتكب "آلاف" الأخطاء يكون ضحيتها أكثر من 150000 عراقي .... ولا نعرف من هم الديمقراطيون حقا: أصحاب السيارات المفخخة، أم الجيوش التي تمدنا بقصف عشوائي وبسجون جديدة ... وعذرا من "رايس" فالأخطاء التكتيكية لم تكن من صنع الإدارة الأمريكية فقط ... إنها وشاح الخيبة فوق وجوهنا أو عتب الضحايا وهم يغادرون هذه الدنيا بحسرة "الديمقراطية".