توقفت الطائرة التي تقل تشارلز تايلور في عاصمته مونروفيا قبل أن تكمل به إلى فريتاون، سيراليون، حيث سيحاكم. لكن هل انتهت أحزان ليبيريا؟ هل عادت إلى الحياة الطبيعية مع انتخاب الرئيسة ايللن جونسون سيرلاف، المتخرجة من أميركا ـ مثل تايلور، خريج جامعة بوسطن ـ والتي عملت بائعة في أحد مخازن نيويورك؟ الأفضل أن ننتظر قليلا قبل أن نتفاءل. ففي مجلس الشيوخ، مثلا، لا يزال العضو الأبرز السناتور برنس جونسون. هل تريد نبذة مقتضبة عنه؟ انه الرجل الذي أقدم يوم 9 أيلول 1990 على تعذيب الرئيس المخلوع صامويل دو، حتى الموت. أولا، أمر جونسون رجاله، بقطع أذن دو. ثانيا أمر دو بأن يأكلها. ثالثا، يقال، انه أكل الأذن الأخرى. وفي إمكان زوار مونروفيا أن يشتروا في الدكاكين فيلم الفيديو، الذي يوثق أحداث ذلك اليوم.

الآن نبذة قصيرة عن المستر دو: في ليل 12 نيسان (ابريل) 1980 دخل الرقيب أول صامويل دو، 28 عاما، القصر الرئاسي مع 17 جنديا، وطعن الرئيس تولبرت بالحراب حتى الموت. ثم وجه الرئيس الجديد، الرقيب دو، الدعوة إلى مراسلي الصحف الأجنبية، لحضور حفلة إعدام وزراء تولبرت: 13 وزيرا، بالرشاشات، على الشاطئ.

تشارلز تايلور سجن في أميركا واستطاع الفرار، على ما تقول الشائعات، بمساعدة السي.آي.ايه. وظهر فجأة في الصحراء الليبية. ومنها قاد حملته على صامويل دو، فاحتل المدن واحدة بعد الأخرى، إلى أن سقطت مونروفيا. جنَّد تايلور جيشا من الأطفال. وأنشأ ثقافة جديدة: كل من يرفض تقطع ذراعاه. ونقل هذه الثقافة إلى شريكه في تجارة الماس، فوداي سنكوح، في سيراليون. وما بين تايلور وسنكوح هناك نحو 400 ألف قتيل. عدد الأذرع المقطوعة غير مؤكد. نهب تايلور ليبيريا. والعاصمة مونروفيا الآن مدينة بلا كهرباء وبلا تنظيفات وبلا مستشفيات ومعدل العمر في البلاد 47 عاما مقابل 74 عاما في أوروبا! ورئيسة الدولة الجديدة، تعيش في منزل من طابقين، وله مولد كهربائي خاص، مثل المولدات التي انتشرت في بيروت بسبب نهب الميليشيات ـ وبعض الوزراء ـ للكهرباء. لقد شرد تايلور نصف السكان وترك 85% منهم في البطالة.

كان «جيش» تايلور يبقر بطون الناس، ويقتلهم عند حواجز التفتيش، ويغتصب النساء في كل مكان. ولا يزال صهره رئيسا لمجلس النواب. و«مطلقته» عضوا في البرلمان. ولا تزال ليبيريا تنام في العتم وبين الأشباح.