هآرتس

زئيف شيف

قبل عشر سنوات، وخلال نقاش في الحكومة حول التقدير السنوي للاستخبارات، اعلن رئيس الوزراء آنذاك، بنيامين نتنياهو، بيانا لم يصدر في اي يوم من الايام عن حكومة مماثلة. فقد اعلن بأنه يرفض تقدير شعبة الاستخبارات العسكرية، حيث جاء فيه "ان الخطر الاكبر الذي يواجه اسرائيل في المستقبل ينبع من ايران وليس من العراق". جهاز الموساد، في مقابل ذلك، كان يرى أن التهديد العراقي هو الاساس. على اساس هذه المقولة التي تفيد بوجود مفاعل نووي عراقي متقدم، سافر نتنياهو الى واشنطن. ولصالحه نقول، انه لم يمر وقت طويل حتى غير نتنياهو موقفه وأخذ بالتقدير الذي يفيد بأن الخطر على اسرائيل يتطور في ايران.
كان هذا هو الشعور السائد لدى اسرائيل ايضا عند اندلاع حرب الخليج عام 2003. من الواضح ان اسرائيل لم تأسف على اسقاط نظام صدام حسين، أو على الضربة التي دمرت الة الحرب العراقية، لكن الخطر على وجود اسرائيل بقي يتصاعد من ايران. ومنذ ذلك الحين زاد الشعور في اسرائيل ان "الحرب في العراق" كانت "الحرب غير الصحيحة".
وبمرور ثلاث سنوات على انتهاء الحرب العراقية، يثور خطر اضافي، ثمة احتمال لحصول انسحاب اميركي اسرع من اللازم من العراق، يؤثر سلبا على المنطقة ويعزز ايران ومتطرفين آخرين. يوجد حاليا اتفاق بين اوساط جمهوريين وديموقراطيين داخل الولايات المتحدة، على انه لا يجوز لواشنطن ان تصل الى وضع كهذا. ولكن، مع اخذ الرأي العام الاميركي في الحسبان، فانه لا يوجد اي ضمان لاستمرار مثل هذا التوجه. هذا الامر يجب ان يثير قلق اسرائيل. ذلك ان تطورات من هذا القبيل قد تؤدي الى زعزعة واضطراب باتجاه الاردن، والسعودية، وحتى في تركيا. والمصالح الاميركية في دول الخليج قد تتضرر كثيرا، ويمكن ان يصبح العراق قاعدة لتنظيم القاعدة، وقد تندلع فيه حرب اهلية. لذلك، فمن الواضح ان لإسرائيل مصلحة بأن تنتصر الولايات المتحدة في هذه الحرب.
هل ينتصر الاميركيون في حرب العراق أم انهم يخسرون؟ ثمة عدد من المقاييس التي تتيح قياس الانجازات والفشل في الحرب، وجميعها تتأثر، كما هو معلوم، بأهدافها. والاتجاه الافتراضي التحليلي هو الادعاء بأن الولايات المتحدة قد خسرت تلك الحرب. هذا الادعاء بعيد عن الحقيقة. ومع ان وتيرة الفهم لدى الجيش الاميركي بطيئة، ولكننا نلمسه جيدا في العديد من المجالات. وهكذا، فانه بانخفاض عدد الخسائر في الارواح والطائرات المروحية، وكذلك تحسن الحال بما له علاقة بالتعامل مع العبوات على جوانب الطرق، والتي يتم تحضيرها بفضل التعليم والخبرة من قبل حزب الله وايران. مقابل ذلك، فان أمن المواطن العراقي ما زال في الحضيض، واعادة بناء الجيش العراقي الجديد الذي يعد نحو 240 الف جندي وغالبيتهم من الشيعة، يسير ببطء شديد.
سيكون امتحانا مهما اذا منع تفكك العراق إلى ثلاثة كيانات، واذا منعت الحرب الاهلية من الاندلاع، فالحديث يدور عن شعب معروف بعنفه، ويكفي ان نرى ماذا يفعلون بجيرانهم. ومنذ اليوم يقف العراق على شفا اندلاع حرب اهلية. لقد صعدت الحكومة العراقية على سكة الديموقراطية، وأسقط نظام صدام حسين، وتم تدمير اسلحة الدمار الشامل حتي قبل اندلاع تلك الحرب. لكن العراق سيعود في يوم من الايام ليكون دولة اقليمية قوية، وذلك بشرط ان لا يقع في شبكة التأثير والهيمنة الشيعية ـ الايرانية.