نجيب نصير

بلا شك ان التعليم هو سلعة، لأنه استثمار، ولكنه سلعة استراتيجية واستثمار اجتماعي، أي انه يشكل تراكميا رصيدا علميا ومعرفيا يدخل في التفاعلات الاجتماعية الإنتاجية بأشكالها الاقتصادية والحقوقية، ما يجعله ليس خاضعا لشروط رأس المال البسيط والبدائي، ليبدو المجتمع بهيأته الأهلية مسؤول وشريك لأن الإنسان المجتمعي هو موضوع العلم وغايته.

واليوم ونحن نرى تأسيس هذا الكم من الجامعات الخاصة والتي تعطي شهادات باختصاصات مرضي عنها شعبويا، أي انها تكرر ما قام به العثمانيون لتأمين موظفين في الدولة، ومع الأمل الذي لا يمكن الاستغناء عنه في هكذا مؤسسات، إلا اننا نرى ان المجتمع بعيد كل البعد عن الموضوع تاركا لرأسمال بدائي حق التجريب والإكمال أو الهرب، وكأن الجامعات مبنى مسبق الصنع هبط على قطعة ارض على مسؤولية الممول. لم نر من أية هيئة اجتماعية مبادرة للمشاركة ( صناعيين جمعيات خيرية الخ )، وعليه فأن ترك الجامعات إلى دفاتر حسابات الربح والخسارة مسألة تجعل من الجامعات المحدثة ككتاتيب إفرنجية تبيعنا العلم ( وليس المعرفة ) بسعر معقول نسبيا، فبلا ان يرسل احدهم ولده إلى الخارج يعلمه هنا وبنصف التكلفة طالما ان الموضوع هو موضوع شهادة لا أكثر ولا اقل.

الجامعة هيئة اجتماعية وهي مسؤولية الجميع تمويلا ورقابة ودفعا إلى الأمام، وإذا كانت التجربة حديثة ولا يحكم عليها فأن السنوات اللاحقة كفيلة بكشف ان الاستثمار بالعلم ليس مجرد رأسمال رابح أو خاسر، نريد لجامعاتنا الخاصة ان تكون جزء من المجتمع تعيد إليه الحرارة التي فقدها منذ زمن طويل، ولما يزل ويتلمظ الأيام الخوالي...فقط انظروا إلى الجامعات الكبرى لتعرفوا انها ليست مجرد رأسمال قادر على إحضار أبنية مسبقة الصنع...انها مصنوعة من عقول وأرواح ومبادرات.... عل !!!!!!