متى يصير المسلمون كبقية خلق الله, ويتركون الخلق للخالق؟ متى يعون أنهم لا يملكون حق الحكم على إيمان الناس؟ إلى متى يملأ الوهم أدمغتهم بأنهم أفضل الناس على وجه البسيطة من حيث الإيمان؟ متى يعقل المسلمون ويعلمون بحق أن خالق الخلق هو أبصر بمن خلق, وأنه سبحانه لم يوكل أمر إيمان الناس للمسلمين؟ لماذا نجد المسلمين هم الوحيدون في هذا العالم الذين يقتلون إنسانا لمجرد أنه لا يريد أن يكون من ملة الإسلام, أي يغير دينه؟ في كل يوم "يرتد" مئات النصارى وغيرهم عن دينهم إلى الإسلام, ولا يتعرض لهم قومهم بسوء, بل يتركون لهم حرية الاختيار؟

قبل أيام ورد في الصحف أن عبدا من عبيد الله في هذه الأرض, اسمه عبدالرحمن, ويعيش في أفغانستان التي حررها الأميركان من ظلم حركة "طالبان", أراد أن يغير دينه من الإسلام إلى المسيحية, لقناعاته الخاصة المتروكة لرب العباد, ماذا حدث؟ قامت الدنيا ولم تقعد على هذا المسكين, وكأنه لا يكفيه في الحياة ظلما أنه يعيش في أفغانستان, فسعى النظام الأفغاني الذي صنعته أميركا, وهو أمر يأباه الشرع وينهى عنه, لو أردنا التدقيق في الجانب الديني, إلى محاكمته وإصدار الحكم بإعدامه! ولكن الغرب, صاحب الحرية والحافظ لأمن الأفغان، أخذته الحمية لهذا الإنسان فوقف معه مؤيدا ومناصرا لحقه في عبادة ربه كيفما يشاء وبأي دين, مما دفع النظام الأفغاني إلى التراجع خوفا من احتمال ضياع ملايين الدولارات التي وعد بها الغرب النظام الأفغاني لبناء أفغانستان. بما يعني, أن هذا النظام الذي يدعي التدين باع دينه بعرض من الدنيا, فأعلن عن جنون عبدالرحمن ليتخلص من المسؤولية الدينية, في حين أصر عبدالرحمن على موقفه المؤمن بالتحول إلى المسيحية لقناعاته الخاصة, غير آبه بما سيناله من أذى, قد يصل به إلى الموت على يد نظامه, والحمد لله الذي سخر له من يقف معه, وإلا لكان جسده يتأرجح على حبل المشنقة.

لمن لا يفقه في الدين, عليه أن يقرأ كتاب الفقيه محمود شلتوت, رحمه الله, والمسمى, "الإسلام عقيدة وشريعة", حيث بيَّن بدون الدخول في التفاصيل خوفاً من إرهاب بعض رجال الدين, أن عقوبة القتل لمن يغير دينه من المسلمين, لم يرد فيها نص من القرآن, وأن حديث "من بدل دينه فاقتلوه" , إنما هو حديث آحاد لا يصح الأخذ به في الأحكام. لكن للأسف لم يستمع أحد إليه, وضاع رأيه في زحمة الجهل وقلة التبصر والبصيرة بأحكام الدين. ولكن نجد المسلمين يستحقون جائزة الإساءة إلى الدين الإسلامي وبجدارة, على موقفهم المتصلب وغير المبرر تجاه من يغير دينه من المسلمين, فيدعون لقتله, ثم بعد هذا كله يتساءلون: لماذا يقف الغرب ضدنا؟ وفوق هذا وذاك يتشدقون بالتسامح الإسلامي وبحقوق الإنسان, وكأن الناس أغبياء لا يفهمون!
بالله عليكم, وأرجو أن تفسروا لي, لأنني أجهل كيفية التعامل مع العقلية الإسلامية, كيف يمكن لبلد يعيش الملايين منه على بيع المخدرات المحرمة بالشرع والعقل, بل وحتى لدى الكفار, أن يحاكموا إنسانا بسبب معتقده؟ لماذا المسلمون دون الخلق جميعا يسعون لقتل من يبدل دينه؟ وها هو العالم أجمع, ودون استثناء يسمح لمواطنيه باعتناق أي دين يريدونه, دون تهديد في الحياة أو الرزق أو بالتفريق عن الأهل وتمزيق الأسرة؟ لماذا لا يتعلم المسلمون احترام إنسانية الإنسان, وحقه في الاختيار؟

العالم الإسلامي هو الوحيد الذي يهين إنسانية الإنسان في العصر الحديث بقتله إذا غير دينه, أو إذا اختارت المرأة شريك حياتها بدون موافقة ولي أمرها؟ ولهذا أتساءل: متى "يتأودم" المسلمون, أي يصبحون مثل بقية الأوادم، ويعيشون بشكل طبيعي مع بقية خلق الله بدون إيذاء هذا الخلق؟