شعبان عبود......النهار

شارك نحو 20 ألفاً من السوريين وأصدقاء الشاعر محمد الماغوط ومحبيه في تشييعه ظهر امس في مسقطه مدينة السلمية التابعة لمحافظة حماه بوسط سوريا.

وكانت السماء تمطر بغزارة في الحادية عشرة قبل الظهر حين نقل جثمان الشاعر من مستشفى دار الشفاء في دمشق ملفوفاً بالعلم السوري نحو السلمية، في موكب مهيب من الاصدقاء والمحبين، وهناك استقبله الآلاف بالتصفيق والهتاف كأنه "عريس" كما قال احد المشاركين.

ووصل الجثمان اولاً الى منزل الشاعر في الحي الغربي من المدينة، وهو منزل قديم كان الراحل رممه حديثاً، ثم حمل على الاكف الى مقبرة المزيرعة حيث دفن.

وقال محمد بدور ابن اخت الشاعر لـ"النهار": "كان خالي ينوي زيارة السلمية في 17 نيسان الجاري وكان لديه حنين كبير الى المدينة في الآونة الاخيرة، غير اني كنت اطلب منه التأجيل بسبب مشاغلي، فأنا ارافقه واعيش معه منذ سنوات، لكنه لم يستطع ان يحقق امنيته الا ميتاً، بعد غياب عن السلمية منذ عام 1992".

ومحمد بدور، وهو طبيب، وصف الايام الاخيرة من حياة خاله الشاعر محمد الماغوط قائلا: "كان يقرأ اشعارا كتبها منذ سنوات طويلة، كان يقرأها بفرح شديد كما لو انها اشعار جميلة ليست له، كان يعيش لذة وفرحا غامرا. لكنه كان يشرب ويدخن كثيرا ولا يتحرك الا قليلا بمساعدتي، وهذا الوضع اثر كثيرا على صحته".

وبدت مدينة السلمية فقيرة للبعض ممن شاركوا في التشييع، وقال احدهم: "بدت لنا كما وصفها شاعرها الماغوط فقيرة، على رغم غيابه الطويل عنها، مع انها جميلة حيث الربيع والسهول الخضر تحيط بها".

ولد الماغوط عام 1934 في السلمية، التي يقول عنها انها اكسبته احساسه بالظلم البشري والفوارق الطبقية من خلال نشأته "في هذه القرية الحائرة بين الصحراء والمدينة، والمنقسمة الى امراء وفلاحين".

وقال رئيس تحرير موقع "الجمل" الالكتروني الكاتب نبيل صالح ان الراحل يعتبر السلمية نمت فيه حس التمرد وجل ما يتذكره من السلمية هو "الوحل والبرد والاحلام والغيوم والابقار والرياح". ومع هذا فانه يذكرها باعتزاز باعتبارها "معقل القرامطة والمتنبي"، وانها "هدمت مئة مرة"، ثم يقول: "ان هذه المدينة مقيمة في

دمي".

وقال رئيس التحرير السابق لصحيفة "الثورة" قاسم ياغي وهو من مدينة السلمية وكان على علاقة صداقة بالراحل: "خرجت السلمية بشيبها وشبابها، وخرجت النساء للمرة الاولى للمشاركة في التشيع على عكس العادات المتبعة حيث لا تشارك النساء".

وشارك في التشييع، الى ابنتيه شام الطبيبة التي قدمت من الولايات المتحدة وسلافة التي تعيش في بريطانيا، وزير الدولة السوري غسان اللحام ممثلا للرئيس بشار الاسد ووزير الاعلام محسن بلال ووزير الثقافة رياض نعسان آغا ووزير الدولة لشؤون مجلس الشعب جوزف سويد ورئيس المكتب السياسي للحزب السوري القومي الاجتماعي في سوريا عصام المحايري ورئيسا اتحادي الكتاب العرب والصحافيين ونقيب الفنانين واعضاء من مجلس الشعب وحشد كبير من الاعلاميين والمثقفين والكتاب والفنانين ومحبي الراحل الكبير، بينهم الممثل دريد لحام الذي ربطته بالراحل علاقة عمل طويلة. والقيت كلمة باسم الرئيس اللبناني اميل لحود.

وقال وزير الاعلام السوري: "ان رحيل الاديب الكبير والعبقري محمد الماغوط يشكل خسارة للامة وللوطن وللثقافة والكلمة ولكل الانسانية".

ورأى وزير الثقافة ان فقدان الماغوط "يعتبر فقدا لواحد من كبار الادباء العرب والعالميين واحد ادباء السخرية المرة الضاحكة والمعبرة عن الحزن الانساني، الذين حققوا تفوقا في الابداع والموهبة".

وفي كلمة لها خلال التشييع قالت شام ابنة الراحل: "الذي كان يشغله ويهمه طوال الوقت هو محبة الناس له واليوم ثبت كما كانت الناس تحبه".