الخليج”

فيما لا تزال زيارة رئيس الحكومة فؤاد السنيورة الى دمشق، “مؤجلة” من الجانب السوري، نتيجة عدم اقتناع المسؤولين السوريين بجدوى الزيارة في الوقت الراهن، يمم الرئيس السنيورة وجهه صوب العاصمة الأمريكية، حيث أكدت أوساطه أمس أن زيارته الى الولايات المتحدة سيكون لها غرضان: سياسي يبحثه في البيت الأبيض مع الرئيس جورج بوش، واقتصادي يبحثه في نيويورك مع الدول المانحة، في سياق التحضير لمؤتمر “بيروت -1” الدولي لمساعدة لبنان.

وأكدت مصادر رئيس الحكومة ان لقاء السنيورة بوش، هو “سياسي بامتياز”، لافتة الى أن استقبال الرئيس الأمريكي للسنيورة يؤكد استمرار التزام المجتمع الدولي والولايات المتحدة بدعم لبنان.

وأكدت مصادر لبنانية أن استقبال بوش للسنيورة، هو “رسالة سياسية” قوية من الإدارة الأمريكية، جاءت لتعويم رئيس الحكومة على حساب رئيس الجمهورية إميل لحود بعد “الخسائر” المتتالية التي أصابته، بدءاً من قمة الخرطوم، و”الاشتباك” الشهير بينه وبين رئيس الجمهورية، مروراً بالجلسة النيابية التي “قمع” فيها رئيس المجلس نبيه بري السنيورة، ولم يعطه “حق الرد” على اتهامه ب “خطيئة السودان”، وصولاً الى العلاقة المتوترة التي سادت أخيراً بين السنيورة و”حزب الله” على خلفية موقفه من المقاومة في قمة الخرطوم.

وتؤكد المصادر أن زيارة البيت الأبيض تحديداً، سوف تزيد من حدة التأزم في العلاقة بين السنيورة و”حزب الله”، متوقعة أن ينعكس هذا التأزم في مناقشة بنود “الورقة الإصلاحية” لمؤتمر “بيروت 1”، حيث توقعت المصادر أن تزداد معارضة “حزب الله” لعدد من بنود هذه الورقة.

وفيما لم تنف المصادر احتمال ان يزيد لقاء بوش السنيورة، “السياسي بامتياز”، على حد وصف مصادر رئيس الحكومة، من صعوبة تحقق زيارته الى دمشق، وخاصة في ظل المواقف التصعيدية الأمريكية ضد سوريا من خلال السفير الأمريكي في بيروت جيفري فيلتمان أمس الأول، لا تزال دمشق “تتريث” في قرارها دعوة السنيورة الى زيارتها، مبدية “عدم رغبة”، أقله في الوقت الراهن لهذه الزيارة، ينم عن “شكوكها” في أن خلف هذه الزيارة “نوايا” لنزع سلاح المقاومة وانتزاع أوراق من يدها.

وذكّرت مصادر مقربة من دمشق، بأن السنيورة لم يلتزم بما تم الاتفاق عليه خلال زيارته السابقة الى العاصمة السورية من “عناوين عريضة” بشأن تنظيم العلاقة بين البلدين.

وفي هذا الإطار، أكد وزير الإعلام السوري محسن بلال، في حديث الى صحيفة “السفير”، أن سوريا لا تضع شروطاً على زيارة السنيورة إليها، ولكنه، في المقابل، اعتبر أنه على القوى السياسية اللبنانية أن تتفق أولاً، في مؤتمر الحوار الجاري، على العناوين التي ينوي السنيورة طرحها مع القيادة السورية، متسائلاً: هل جميع اللبنانيين متفقون بشأن سلاح المقاومة، والعلاقات مع سوريا وغيرها؟ ثم هل السنيورة يزور سوريا ممثلاً ل”تيار المستقبل” أم لكل لبنان؟

وتبدو دمشق، على الأقل في الوقت الراهن، غير مستعجلة على الزيارة، ما دام عنوانها، بحسب مصدر سوري رفيع، هو الحصول على تنازلات من الحكومة السورية.

ويشكك المصدر الرفيع، بحسب جريدة “السفير” بجدوى هذه الزيارة، في وقت يحمل السنيورة الى دمشق مشروعاً من قوى “14 آذار”، وبينها، بحسب المصدر، من يستحضر اتفاق 17 أيار/مايو الموقع بين لبنان و”إسرائيل”، “بغية إحراج سوريا والقول إنها هي التي تُفشل كل المبادرات، وإنها هي التي تنسف الحوار”.

ويؤكد المصدر السوري الرفيع أنهم يرسلون السنيورة بغية ترسيم الحدود، ولكن بالنسبة الى سوريا لا ترسيم لهذه الحدود إلا بعد خروج “إسرائيل” من مزارع شبعا المحتلة، لافتاً الى انه اذا كان المقصود من الزيارة هو شن هجوم معاكس ليقال بعدها إن سوريا أفشلت الزيارة، فسوريا لا تريد للزيارة أن تكون محاولة تخريبية لصبّ الزيت على النار والتهرب من المسؤولية في تسوية حقيقية لأزمة العلاقات بين البلدين.