هآرتس

تسفي برئل

الدكتور غازي حمد هو التعيين الجديد لحركة حماس. وظيفته هي أن يكون ناطقاً باسم الحكومة، وأهم مواهبه اعلامية. ولكن ما اعتقده اسماعيل هنية، رئيس الحكومة، أنه من المهم التأكيد من خلال تعيين الناطق باسمه هو حقيقة إجادته حمد للغتين أجنبيتين: الانكليزية والعبرية، لغتان ضروريتان لأهداف حماس الملحة: الحوار مع اسرائيل ومع الولايات المتحدة. ولا توجد أي أهمية لدرجة النفي الواهن الذي صدر عن محمود الزهار، وزير الخارجية الفلسطينية، بصدد "الخطأ" الذي ورد في رسالته التي أرسلها لكوفي عنان، والتي تحدث فيها عن الاستعداد للتعايش بحسن جوار مع الدولة الثانية، اسرائيل. مثل هذه الرسائل تجتاز عدة مراحل من المراجعة والرقابة قبل إرسالها. ثمة في المقابل أهمية كبيرة لمقولة هنية التي تفيد أنه لم يفرض من جهته أي حظر على رجاله للتفاوض مع اسرائيل حول المواضيع الجارية التي تتعلق بإدارة شؤون الفلسطينيين.
صحيح أن اسرائيل لا تجد اليوم شريكاً فلسطينياً لرغبتها الشديدة في حل مشكلة اللاجئين، ولا لرغبتها القوية في إيجاد شريك تتوصل معه الى اتفاق بشأن حدود تتوافق مع تطلعاتها، ولكن حماس تستطيع الآن ـ على ما يبدو ـ أن تساعدها في التخلص "فقط" من عبء الاحتلال المباشر والمعالجة التفصيلية لشاحنات الأغذية والأدوية ـ ومن صيانة الاحتلال عموماً. ولكن ذلك يتطلب منها أن تقفز عن عدة مراحل في اللعبة التمهيدية. تلك اللعبة التي ميزت سلوكها بصورة كبيرة منذ 1967 الى أن فقدت السياسة. عندما أدركت أخيراً أن من الأفضل أن يأخذ الملك حسين الضفة ـ كان الوقت متأخراً جداً، وعندما كان ياسر عرفات في وضع "القادر والراغب" ضيعت الفرصة، وعندما حاول أبو مازن التودد ـ اندفعت نحو الانسحاب أحادي الجانب وحشرته في زاوية الدمى المضجرة.
الآن، ها هم يستخدمون الأسلوب نفسه مع حماس. وما زال هناك من يعتقد ـ مثل عمير بيرتس ـ أنه من الممكن، بطريقة سرية، أن نعيد لأبي مازن لونه الذي بهت ولكن من ينظر الى صورة الرئيس أبو مازن المعلقة فوق الجدار، سيلاحظ أن هناك دمعة صغيرة تطل من زاوية عينه. لأن وضعه الآن يشبه وضع شمعون بيرس في حكومة شارون: نافذة للعرض. هذا هو الشخص الذي أرسل للتحدث مع الجميع، والجميع مستعد للتحادث معه، ولكن ليس لديه ما يمكن التحدث عنه.
في غضون ذلك، تطور اسرائيل "تصورها" الخاص: ضرب جيبة السلطة الحمساوية من أجل إثارة حركة شعبية ناقمة ضدها تتسبب في إسقاط سلطة حماس. برمشة عين تناسوا حقيقة أن السياسة نفسها القائمة على اليد القاسية هي التي كانت قد أسهمت إسهاماً كبيراً في صعود حماس. ولكن لنفترض أن سياسة العقوبات الاسرائيلية ستنجح بصورة مدهشة، إلا أنها تهدف من الناحية الشكلية الى تغيير مبادئ حماس وليس الى استبدالها بأبو مازن. أضف الى ذلك أن حماس قد تتبنى فعلاً فكرة الدولتين لشعبين كما أشار الزهار في رسالته لكوفي عنان، وتحدد بذلك اعترافها باسرائيل.
ماذا سيحدث حينئذ؟ لن يكون أي مانع في تلك الحالة من تحويل الأموال إليها، وبذلك سيمكنها مواصلة تعزيز مكانتها وإدارة شؤون السكان بصورة جيدة حتى من دون أن تتمكن في هذه الأثناء من تحرير المناطق المحتلة. هكذا أيضاً ستتكشف الخدعة الاسرائيلية، ومن خلال ذلك ستتمكن حماس من الحصول على الشرعية الدولية لمواصلة حكمها.