كان العام 1968 استثنائيا في تاريخ اوروبا: «ثورة ايار» الطالبية في فرنسا. «ربيع براغ» الذي انتهى باحتلال سوفياتي في اغسطس من ذلك الصيف! تمرد على الشيوعية في بلاد الشيوعيين وثورة ضد الرأسمالية في بلاد الرأسماليين. ومناخ يمتد من باريس الى المكسيك الى جامعة كولومبيا في نيويورك الى... جامعات بيروت.
عندما دخلت الدبابات السوفياتية وجيوش حلف فرصوفيا الى تشيكوسلوفاكيا من 20 بوابة حدودية، وجد اهل البلد انهم لن يستطيعوا المقاومة المسلحة. ولذلك انصرفوا الى سبل المقاومة المسالمة. وعلى وجه السرعة راحوا يصورون مظاهر الاحتلال والقمع لكي يرسلوها الى العالم الخارجي. ووصلت الافلام المصورة الى شبكة سي. بي. اس الاميركية التي كان الوجه الاخباري فيها، والتر كرونكايت. ولعله من الوجوه التاريخية التي لا تنسى. ونظر كرونكايت في المسألة فقرر انه لا يستطيع لأي سبب من الأسباب، ان يمدد البرنامج الاخباري ومدته نصف ساعة. وحدها، شبكة التلفزيون الاميركية العامة، اعطت احداث براغ ساعة اضافية.

كانت هناك برامج كثيرة في عالم التلفزيون، اكثر اهمية من البرنامج الاخباري. وكانت تلك مصدر الاعلان والمال، ولن يضحي بها احد من اجل حدث عالمي سوف يغير وجه العالم! وعندما اكتشفت سي. بي. اس خطأها اضافت برنامج «60 دقيقة» الى برامج الاحداث والاخبار! وبعد سنوات خطر لرجل يدعى تيد تورنر، ذو لهجة تشبه لهجة رعاة البقر، ان يؤسس شبكة تلفزيونية لا تقدم شيئا سوى الاخبار. 24 ساعة من الاخبار، من حول العالم، من الصين وبراغ وجبال الانديز وساحل العاج. وزيدت مدة البرامج الاخبارية في المحطات الاخرى. واصبح راتب المذيع الرئيسي في حجم دخل نجم من هوليوود. وانتشرت فكرة القنوات الاخبارية في العالم. ولا تزال «النيويورك تايمس» توزع نحو مليون نسخة في اليوم، بينما تصل السي. ان. ان احيانا الى مئات الملايين في العالم.

لقد حسب السوفيات ذلك الصيف حسابا لكل شيء: الحكومة التي ستعلن، الزعماء الذين سيلقون في السجن، العملاء الذين سينفذون برامج الاحتلال، العميل الذي سيخطف حقيبة زعيم «ربيع براغ» الكسندر دوبتشك. ولم ينتبهوا الى الافلام المهرّبة. تلك كانت بداية العصر التلفزيوني الاخباري وسقوط النظام الشيوعي.