نجيب نصير

لا أدري إذا كانت ، فقط ، الذكرى الثالثة لاحتلال العراق ولكنه مضى ثلاثة أعوام على الأقل على وجود الاحتلال / البسطار الأميركي لهذا البلد وما يعنيه هذا الوجود للتجارب الحكوماتية في العالم الثالث ، وما يعنيه هذا الوجود لتغير الخريطة الجيوبوليتية للعالم الأول ومصالحه المتصارعة ، فالعراق مثله مثل غيره من البلدان التي يصنعها الاصطلاح الخارجي عليها بشهادة ابتدائية من الأمم المتحدة وليس لاعبا دوليا مهما على إي صعيد ولم يكن مزعجا لأحد لا باحتلاله الكويت ولا بحربه الإيرانية ولا حتى باغتيال معارضيه الذين امنوا باغتيالهم عملا لرجال الشرطة في هذه البلدان ، والسلاح النووي الورقي الذي فضحه كولن باول في الأمم المتحدة والذي اعترف لاحقا انه تعرض للخداع.

هذا السلاح كان خطرا على العراق بسبب بنيته العلمية الحقوقي منها والمجتمعي ، فإذا تشرنوبل في دولة نووية عريقة انفجر أفي بلد مثل العراق سوف يبقى سليما ؟ إذ تكفي مناقصة واحدة يتخللها فساد إجباري كي يتسرب الإشعاع / مثال عملي عن مقدرة الفساد على القضاء على الإنسان / الميزة الوحيدة التي كان يتمتع بها العراق هي الاستبداد والتي يعرفها العالم اجمع ويباركها …

والاستبداد كما هو معروف انه مسؤول عن كل شيء من الأعاطي والمكرمات وحتى هبوط الإنسان على المريخ وهطول الأمطار ، ومع كل هذا جاء الأمريكان ببساطيرهم وطلقاتهم السريعة ونظاراتهم الشمسية اللامعة ليراقبوا سيلان الدم من ثقوب الأجساد العراقية المنتفخة . ولكن السؤال الوحيد الذي بقي مترددا من الذي جاء بالأميريكان … الاستبداد أم المصالح الأميركية ؟ ليتبعه لاحقا سؤال أيهما أحسن الاستبداد أم الأمريكان ؟ مقارنة عدد القتلى تقول الأمريكان فمائة وعشرين ألف قتيل عراقي رقم يبدو مبكرا على مقارنته بعدد ضحايا الاستبداد ، أما مقياس النهب المنظم للموارد فالاستبداد أحسن لأنه فاق مثيله على أيام الاستبداد ، والمؤسسات لم تنضج بعد هنا تعادل ، والاستقرار لم ينجز بعد ( برضو ) الاستبداد أحسن !!!

وحتى لا ننسى الهوية والخصوصية والتراث مواضيع مؤجلة حاليا … المهم أنها كلها مقارنات بين سيء و أسوأ ولكن السؤال لم تتم الإجابة عليه بعد لأننا دخلنا في متاهة السؤال الثاني من أتى بالأميريكان ؟ انه سؤال برسم الإلغاء أو الإزاحة، لأنه يشبه السؤال العربي المعجزة … من أنتج الآخر البيضة أم الدجاجة ؟ والجواب الوحيد المقبول نظريا على الأقل هو إلغاء الدجاج .. أو استبداله بالديناصور.