هآرتس

عاموس هرئيل

تحددت حلبة المواجهة بين اسرائيل وبين حكومة حماس الجديدة في السلطة الفلسطينية: هذه المواجهة ستجري على حدود قطاع غزة على خلفية استمرار اطلاق صواريخ القسام على النقب. ففي ظل افتقاد الجيش الاسرائيلي اليوم إلى رد عملاني وفعال في مقابل القسام، يندفع الجيش لاستخدام سلة أعمق بكثير من وسائل العقاب. هذا ما سيحصل في الايام القريبة القادمة: إسرائيل ستشدد من ردودها بشكل مقصود، مع أخذها في عين الاعتبار أن أسلوبها هذا سيؤدي إلى تصاعد عمليات اطلاق النار الفلسطينية وسيسرع الامور نحو مواجهة أوسع. والهدف غير المضمر كثيراً هو اخراج حماس من حالة اللامبالاة.
ويبدو أنهم يعتقدون في إسرائيل بأن كل رد من حماس سيكون جيداً. فاذا ما قررت حماس كبح جماح نشطاء التنظيمات التي تطلق الصواريخ (رجال حماس لا يشاركون في اطلاق النار)، سيبدأ الهدوء؛ واذا ما أرسلت رجالها إلى المعركة فسينزع الجيش الاسرائيلي قفازاته في مواجهتها. وبذلك، تحاول هيئة الاركان العامة زعزعة القواعد التي في اطارها تدور المعركة في القطاع. لكن هل تتوقع هيئة الاركان وقوع إصابات في الجانب الفلسطيني؟ ليس بشكل معلن. فكل هدف يسمح للمدفعية بقصفه يتم تحليله بدقة. بيد أن إصابة المدنيين ستكون نتيجة حتمية لقرار تقليص "مجال الامن" عند حدود البلدات الفلسطينية والذي حُدد لرجال سلاح المدفعية. ويكفي الآن وقوع خطأ حسابي بسيط كي تنحرف القذيفة عن مسارها وتصيب بيتاً فيه مدنيين.
هذا الصباح انتشرت بطارية مدفعية جديدة على الحدود الجنوبية للقطاع، هي الثانية من نوعها. ثمة نية باطلاق أكثر من ألفي قذيفة على القطاع منذ الآن وحتى ليلة عيد الفصح. ويتم التشديد على سرعة الرد: فكل منطقة يتحدد اطلاق صاروخ منها ستتعرض بسرعة الى سقوط قذائف وصواريخ من سلاح الجو وسلاح البحر. وفي هذه الاثناء يعرقل وزير الدفاع شاؤول موفاز توصية تلقاها تفيد بادراج مكاتب الاجهزة الامنية في السلطة ضمن الاهداف المعرضة للهجوم، أما العمليات البرية الواسعة فغير مطروحة على جدول الاعمال حتى الان، لأن العمليات المماثلة التي حصلت قبل فك الارتباط لم تؤد إلى وقف عمليات القصف، ولأن العودة إلى داخل القطاع سيكون لها تداعيات سياسية اشكالية بالنسبة لحكومة أيهود أولمرت قيد التشكل.
بيد أنه ثمة تغيير واحد جوهري قد حصل. فمع تشكيل حكومة حماس، عادت السلطة لتكون هدفاً معلناً للمس، على الاقل في القطاع. والتبرير الإسرائيلي لذلك هو أن القطاع موجود تحت سيطرة السلطة الكاملة ولذلك يجب اعتبار هذه السلطة هي المسؤولة عن الارهاب الذي ينطلق من ارضها. وبناء عليه، فان السياسة المتبعة هنا تفتقر إلى الصبر كلياً إلى درجة وضع القطاع على حافة أزمة انسانية. ومن شأن استمرار التصعيد ان يتضمن خطوات أكثر افراطاً، من بينها محاولة إبعاد سكان من المناطق القريبة من أماكن اطلاق النار. ويبدو ان حقيقة كون هذه المناورة لم تنجح فعلا في لبنان (عملية عناقيد الغضب)، لا تمنع الجيش الإسرائيلي من إعادة استخدامها.
جميع هذه الخطوات تتخذ ضد تهديد لم يؤد حتى الآن إلى مقتل إسرائيليين. منذ فك الارتباط. وثمة سبب مزدوج لهذه السياسة المتصلبة: الأول هو شعور الامن المتقوض لدى سكان المستوطنات حول القطاع؛ والثاني هو الارتفاع الملموس في الارهاب من الضفة. ففي كل يوم تقريباً من الاسبوع الماضي تم اعتقال اشخاص من الضفة جرى تجنيدهم لتنفيذ عمليات انتحارية. فعناصر الكبح التي عملت على الأرض الى حين تشكيل حكومة حماس، مثل جزء من أجهزة الامن، تفقد تأثيرها. لكن الفرضية السائدة في اسرائيل هي انه من الافضل ممارسة الضغط على حكومة السلطة في القطاع وليس في الضفة حيث سيطرتها شبه وهمية.