إلى أي جحيم سيقودنا هذا الإعلام الجنسي المثير؟! بسام طالب (الدبور)

ذكرت دراسة شملت 1017 من المراهقين السود والبيض في الولايات المتحدة تتراوح أعمارهم 12-14 عاماً أن البرامج والأغاني المصورة والدعايات التي تتضمن لقطات جنسية مثيرة تشجع المراهقين على استثارة غرائزهم ودفعهم لممارسة الجنس قبل الأوان وتؤثر بشكل ملحوظ على سلوكياتهم الجنسية.

وقد حلل الباحثون في تلك الدراسة " 308 " برنامجاً تلفزيونياً ومجلة وأغنية يقبل عليها المراهقون بشغف فتبين لهم أن هذه المواد الترفيهية الجنسية هي الحافز الأساسي للمراهقين لانحرافاتهم الجنسية.

فإذا كان هذا هو حالهم في أمريكا فما هو حالنا نحن العربان...؟

إن أي استعراض سريع لفضائيات العري العربية وما تتضمنه من برامج وفيديو كليبات، وأي استعراض للمجلات العربية وللدعايات التي تتخذ المرأة سلعة جنسية للتسويق سيكتشف أن البلاء عندنا أعم وأشمل وأشد أذى وضرراً مما تفعله في أمريكا ودول الغرب.

تتسمر بعض الأسر العربية بشيبها وشبابها, بناتها وصبيانها أما شاشات التلفزيون لتتابع متابعة حثيثة ودقيقة لبرامج كستار أكاديمي وسوبر ستار وأكس فاكتور وغيرها ورغم أن اللافتة العريضة لهكذا برنامج هي تنمية مهارات المشاركين في الغناء واختيار الأفضل والأكفأ لتتويجه نجماً، لكن معظم ما تراه العين هو مجرد إيحاءات جنسية واستثارة للغرائز بالحركة والكلمة والسلوك.

والمفجع في الأمر أن أفراد الأسرة المتحلقين حول شاشات التلفزيون أباءً وأبناءً وأمهاتٍ وبناتاً ، يتنافسون في معرفة آخر الأخبار وأدق التفاصيل حول ما يعرض أمامهم ويعلقون ويتناقشون ويختلفون ويتشاحنون وهذا يتحزب لفلانة وتلك لعلانة ومهرجان العري والفسق والفجور يمضي وكأن أحداً لا يألو على شيء.

أما أولئك المراهقين والمراهقات ففي مجالسهم الخاصة تدور أحاديث أكثر حميمية حول ما شاهدوه من صور ومشاهد وحركات وإيحاءات وتعليقات تاركين الأعنة لأخيلتهم ولأحلامهم وأحلام يقظتهم لتقودهم إلى ما لا يليق وما لا يجوز.

إضافة إلى هذه البرامج هناك عشرات المحطات الغنائية الفضائية والتي تبث أغان مصورة و" فيديو كليبات " لا تحمل عنواناً سوى الإثارة والاستثارة وذلك من خلال حركات ماجنة وكلام ساقط وعري مبتذل.

وإلى جانب هذا وذاك تقدم محطات العري هذه برامج مسابقات تافهة ودونية لا يهمهما الشأن العام ولا الذوق العام ولا الحسن العام وكل همها الربح التجاري وتقدم هذه البرامج مقدمات مذيعات عبر غمزات ولمزات مبتذلة والتواءات وحركات ساقطة مبدين من أجسادهن أكثر مما يخفين.

كذلك تعقد هذه المحطات لقاءات فنية معظمها مع هابطين وهابطات من الوسط الفني سمتها العهر والتعهر وتوغل في أخص خصوصيات الفنان وتدخل إلى بيوت الفنانات وتجعلهن يتحدثن عما يجري في غرف نومهن وهن منشرحات منبسطات الأسارير ، طلقات اللسان، وكأن العهر الذي يجري لا علاقة لهن به، والمقدمة الشاطرة ، البارعة هي التي تشجع مضيفتها على كشف المزيد مما يليق ولا يليق.

أما برامج هذه المحطات الإخبارية فلا حديث لها إلا عن العلاقات المشروعة وغير المشروعة القائمة بين الفنانين والفنانات وصراعهم ومؤامراتهم وخصوصياتهم والتركيز كل التركيز يدور حول أجسادهن وأجسادهم وحول عمليات التجميل والنفخ والشفط والتكبير والتصغير وما إلى ذلك، يضاف إلى كل هذا مجلات فضائحية ، دونية، ساقطة، همها إثارة غرائز الناس واستنهاض بهيميتهم ولا هدف لها سوى الكسب المادي الرخيص والعلاقات المشبوهة الرخيصة.

أما ثالثة الأثافي فهي هذه التعليقات الرخيصة والتي تبثها الشرائط المتحركة أسفل الشاشات والتي تحتوي على تعليقات جنسية فاضحة ورسائل مبتذلة وساقطة بين المتحاورين لا هم لها سوى إبراز الجانب الجنسي وإثارة الغرائز والمشاعر المكبوتة وغير المكبوتة.

كل هذا يجري أمام أسماع وأبصار مراهقينا و مراهقاتنا، فهل الحل أن نمنع أنفسنا و أولادنا و بناتنا عن متابعة هذه القنوات التلفزيونية والإذاعية وأن نمنع أنفسناو أطفالنا عن قراءة أمثال هذه الصحف و المجلات.

لا شك أن هذا الأسلوب خاطئ في معالجة المسألة بل ربما يزيد من خطورة آثارها ويفاقمها ويجعل غيرالمرغوب مرغوباً.

يجب أن يساهم في وضع الحل لهذه المشكلة خبراء ونُخب مثقفة وعلى مستوى الوطن العربي ومن الناشطين في حقول المجتمع المدني ومن المسؤولين الحكوميين ومن المحترمين من أصحاب الفضائيات العربية ليتوصلوا إلى ميثاق شرف يتضمن لوائح عقوبات لكل من يخالف هذا الميثاق ولكل من يهدف إلى إشاعة الفاحشة بين الناس سواء كان يدري أم لا يدري ما مدى سوء أعماله، وتبقى التربية المنزلية وسلوك الأبوين القدوة والمصارحة والمكاشفة بين الآباء والأبناء من العوامل المهمة في الحفاظ على الأسرة كأهم قيمة اجتماعية حاضنة وحافظة للمجتمع بأسره.