معاريف

عميت يولزري

الرسالة التي تمررها إسرائيل بهجمات سلاح الجو هي ان السيل بلغ الزبى من موضوع صواريخ القسام، وأن كل شخص يتعاطى ولو في مجال التخطيط للصواريخ، قد يدفع حياته ثمناً لذلك. حكومتنا تحاول التخلص من صورة العجز التي التصقت بها، وهذه هي الوسيلة لفعل ذلك.
في المقلب الثاني تقف حماس، الموجودة على مفترق طرق مهم جداً منذ ان تحولت الى حزب السلطة، ونهاية هذا الاسبوع وضعتها امام اختبار القيادة الأول. صورة مسلكها في الأيام القريبة القادمة ستكون مثيرة جداً للفضول.
فمن جهة هناك كتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح، التي تدعو كتائب عز الدين القسام التابعة لحماس للانضمام الى الكفاح والتخلي عن التهدئة الجديدة. ومن جهة ثانية، انظار العالم متجهة اليها، وتراقب طريقها، وتهدد بوقف تدفق العملات الخضراء.
ما يبعث على الألم والأسف هو أننا نحن أيضاً من بين أولئك الذين يحشرون حماس في الزاوية. نضعها في وضع نوجه لها فيه ضربة ونريد ان نرى كيف سترد. أنا واثق من ان قادة المؤسسة الامنية يرتشفون القهوة السوداء ويتفقون جميعاً على ان السؤال ليس ما اذا كانت حماس سترد ام لا، بل متى سترد بعملية. حينها بالطبع ستتحقق كل سيناريواتهم المرعبة.
لكن في هذه الأثناء تحافظ حماس على ضبط النفس. وهي لن تسمح للمناورة الاسرائيلية بالنجاح وكشف وجهها الفتاك والقاتل. هي تحتفظ بالورقة الرابحة وهي ليست غبية مثل هؤلاء العرب كلهم، صحيح؟ وهي تعلمت اللعبة ومعنية باظهار المسؤولية والرسمية.
لا خلاف على النوايا الحقيقية لحماس ـ دولة اسلامية على كامل اراضي اسرائيل. نحن بالطبع لن نسمح بذلك وسنحارب الاصولية المتطرفة بكل وسيلة لدينا، بيد ان تولي حماس مقاليد السلطة يحدث بالطبع تغييراً في صورة نضالها، وهو ما يتعين على اسرائيل ان تعتاد عليه وان تلائم ردودها على الخطوات التي تتخذها حماس بتناسب شديد.
انتبهوا الى أن حماس تقاتل بسلاح آخر، وتستخدم قوة التهدئة من اجل ان تظهر للعالم انها تحاول العمل على طريقته. واذا استمرت بذلك فمن الممكن ان تقنعه في نهاية المطاف، ومن الممكن ان تحصل في المستقبل على الجائزة الكبرى: أرض اسرائيل الحبيبة.
يصعب الاعتراف بذلك، لكن اسرائيل ايضا تدرك هذا الامر، وتدرك انه من اجل كشف وجه حماس الحقيقي عليها ان تدفعها للرد، بأسرع ما يمكن. من الصعب الاعتراف بذلك، لأن هذا يعني ان اسرائيل تريد حصول العملية القادمة كي تستطيع القول للجميع: قلت لكم.
هذه الاعتبارات يجب اخذها في عين الاعتبار قبل اصدار الاوامر بالتصعيد على مستوى الاعمال الهجومية. فالمؤسسة الامنية رفعت حالة التأهب خشية حصول عمليات انتقامية وثمة انذارات اضافية وجديدة وضعت على الطاولة. ونحن في الواقع نعد وننتظر العملية القادمة، والسؤال الكبير هو هل ستشارك فيها حماس؟
هل هذه النظرية الامنية صحيحة؟ هل هذه الاستراتيجية الجديدة ـ التي ترى في هجوم تشنه حماس رهاناً اسرائيلياً ـ صحيحة؟ هذا بالضبط ما يتبين من سلسلة احداث نهاية الاسبوع: إسرائيل تفضل الارهاب الحماسي على التهدئة الحماسية.