هآرتس

عاموس هرئل

عندما يطلب من رئيس شعبة الاستخبارات في الجيش الاسرائيلي، اللواء عاموس يدلين، اعطاء رأيه بخصوص الجهود التي تبذلها الاسرة الدولية لوقف المشروع النووي الايراني، يقدم لسائليه رسماً كاريكاتورياً صوره رجاله نقلاً عن احدى الصحف العربية. في هذا الرسم الكاريكاتوري يعرض المشروع النووي الايراني على شكل مركبة فضائية تسير نحو هدفها. في مقابل ذلك، يعرض العالم على صورة حلزون.
إعلان طهران أمس عن نجاحها في تخصيب اليورانيوم، يثير قلق يدلين. وبحسب رأيه يستوجب هذا الامر اتخاذ موقف عالمي حازم بهدف عدم السقوط في مصيدة اخرى ينصبها الايرانيون. ويقول يدلين "حان الوقت كي يقوم الحلزون بتسريع حركته".
يدلين الذي يحذر، ولو بشكل غير مباشر، مناقشة امكانية شن هجوم عسكري (ولو اميركي) على ايران، يرفض ان يرى في القنبلة الايرانية حقيقة ناجزة. فبعد ان عادت ايران الى تحويل اليورانيوم، وبعد ان انتخب الشعب محمود أحمدي نجاد رئيساً، "انتقل العالم الى ديبلوماسية اكثر تصلبا، استخدام العصا مكان الجزرة، تم تحويل القضية الى مجلس الامن وبدأت عملية من المفترض ان تفضي الى فرض عقوبات، وايران، خلافا لكوريا، حساسة جدا بالنسبة لعلاقاتها مع العالم. فنطاق تجارتها كبير جدا، والعلماء والنخب يسافرون في العالم، وحتى ان عملية تكرير النفط يجري قسم منها خارج البلاد". ويعتقد يدلين انه حول قرار فرض العقوبات، ينشأ صراع يحاول كل طرف فيه تحديد خط الانكسار لدى الطرف الثاني. فالايرانيون سيحاولون اظهار ان العقوبات لن تكون وسيلة ناجعة وفعالة تجاههم. لكن يتعين عليهم تقدير انه في حال فشلت العقوبات، فانه ثمة خيارات اخرى بحسب التصريحات الاميركية.
يدلين مقتنع ان اسرائيل والغرب لا يعرفان كل شيء عن المشروع النووي الايراني. وهو يعتقد انه يحتمل وجود "خطة ب" لا نعرف عنها شيئاً. "لقد كشف النقاب في السابق عن وجود نشاطات لم يبلغ عنها الايرانيون الى الوكالة الدولية للطاقة. لقد اخفوا نشاطاً نووياً طوال 18 عاما، وعندما اكتشف هذا النشاط، وجدوا صعوبة في تقديم اجابات على الأسئلة التي وجهت اليهم. سيكون من الصحيح الافتراض ان ثمة نشاطاً سريا ايرانيا يجري في موازاة النشاط الذي اكتشفته الوكالة الدولية للطاقة. وفي السنة الماضية كشفت هيئة استخباراتية غربية عن محاولة ايرانية لايجاد تناسب بين رأس متفجر نووي وبين صاروخ شهاب 3. ويتعين الافتراض ان كل مرحلة في عملية الانتقال الى انتاج وقود نووي تجري بشكل سري".
يحذر رئيس "امان" من ايلاء اهمية مفرطة للرئيس الايراني. ويقول "نحن نقدر ان الزعيم الحقيقي في ايران بقي الزعيم الروحي، علي خامنئي. الاستراتيجية الطويلة المدى تتبلور عنده. أحمدي نجاد كان مرشحه للرئاسة، لكونه اكثر ملاءمة للخط الذي يقوده خامنئي. والتصريحات المتطرفة لنجاد، تنبع من النهج العنفي الذي نما جراء تجربته الشخصية في حراس الثورة ومن افتقاده الى الخبرة على الحلبة السياسية. فهذا الرجل شغل سابقا منصب رئيس بلدية طهران، وهو لا يعي دائما الدقة المطلوبة في ادارة معركة دولية. يمكن ان نجاد لديه نهجاً احتجاجياً موجهاً لتعزيز المكانة الاستراتيجية لايران في العالم الاسلامي. هذا يتناسب تماما مع التصور الايديولوجي لخامنئي. وعندما قدر ان الطاقم الذي يدير المفاوضات مقابل اوروبا حول الذرة معتدل كثيراً، استبدله، لكن هذا الامر دفعهم تحديداً إلى مجلس الامن".
في الايام الاخيرة، تشخص شعبة الاستخبارات العسكرية وجود تفاقم في صراع القوى داخل السلطة الفسطينية. فرئيس السلطة محمود عباس، يرد فجأة الحرب على حماس. "ابو مازن يتحدى حماس بصورة اكثر جوهرية. يتجلى هذا الامر في تعيين رشيد أبو شباك رئيساً للاجهزة، بحيث ان الاجهزة التي تخضع نظرياً لوزير الداخلية من حماس تعود مجدداً الى امرته. وثمة تلميح آخر يكمن في سيطرة رجال الحرس الرئاسي على الجانب الفلسطيني من معبر رفح. هذه الخطوات تساعد في نشوء سلطة برأسين. مع رئيس من حركة فتح يعمل الى جانب رئيس حكومة حماس. وبذلك تحافظ فتح على جزء من قوتها، لكن ثمة في هذه الخطوة مزايا لحماس لانها تتيح "تبييض" تدفق الاموال والاتصالات الديبلوماسية مع السلطة بذريعة انها تتم مع ابو مازن".
هل ان احد الرأسين، أو كلاهما، سيساعد اسرائيل على وقف موجة الهلع جراء اطلاق صواريخ القسام من القطاع؟ فأعمال القصف لا تخدم الآن حماس، لكن يدلين يجد صعوبة في رؤية الحكومة أو الاجهزة تقوم سريعاً بعملية تستخدم فيها القوة لكبح الارهاب. "سيحاولون التوصل الى اتفاق حول وقف النار باسم مصالح الشعب الفلسطيني. لكن المشكلة تكمن في انه ليس لحركة فتح مصلحة حقيقية في وقف النار. فمجموعاتها المارقة مسؤولة عن جزء كبير من عمليات اطلاق الصواريخ.