نضال الخضري

لماذا أبحث عن لحظات السعادة المتوارية خلف حدث غلف قلبي؟ فالرحابة التي تمنحني إياها الأنوثة أقوى من صبري على احتمال رغبات الخصوبة فلا أرى الجلاء سوى ارتعاشة حب، أو انحسار لبلادة الصحراء بعد أن أشعل البريق دمشق، وزينها دون حاجة لانتظار مواسم الأعياد، فمن دون انتظار غاب الماضي للحظة واستطاع البعض الفرح ... أما من لم يعشن نشوة اللحظة فولدن بعد عقود ليشاهدن من جديد انتعاش الرغبة في الخروج من صورة الماضي.

لم أفهم الجلاء يوما إلى عرسا للانتقال إلى تحولات الحياة بكل ما تحمله من مفاجآت ... وأدهشتنا بالفعل تفاصيل ما بعد الجلاء ... حملتنا على ساحة من الاحتمالات المتلاحقة حتى وصلنا إلى ستين عاما من الهرولة باتجاه القادم الذي لم نصنعه لأننا مشغولون بـ"الفحولة" القادرة على إحداث التغير الاجتماعي ... وبتحرر المرأة الذي نسجناه على قياس مساحة الذكور في وطن استيقظ فجأة على صيحات الحداثة ... حاربنا "ماضوية" التفكير بعد الجلاء بأصولية كنا قادرين على رسمها وفق مقاييس العلمانية ... وربما أنتجنا أحزابا على قياس الدول الإقليمية ... لكننا في النهاية حققنا الجلاء ومازلنا عاجزين عن ممارسة الجلاء داخل تفاصيل رغباتنا في الحرية.

لماذا أحاول الابتعاد عن ما يكتبه البعض على جسدي من تفاصيل سياسية؟ فأغلف الجلد الناعم بالأشعة التي رأيناها لأول مرة في 17 نيسان وكنا نعتقد أن نقطة انطلاق لكننا اكتشفنا أن حلقة علينا أن نصنع منها مرحلة ترسم لحظات الانطلاق ... فهل يستطيع البعض الذهاب دوننا ؟! وهل هم قادرون على كتابة الجلاء كرواية انتهت بعد أن رحلت صور الجنود المزروعين في قلب الوطن؟!!

ولأنني أعشق "الوطن" كذكر وحيد هارب من كل قيم "الزيف الرجولي" فإن الجلاء سيبقى في داخلي، وسيعجز الجميع عن الركض خارج مساحات الماضي "الملوث" بصيحات الجنود السكارى أو القادمين من الجغرافية المجهولة لـ"يخدشوا حياء" الوطن ... فبدون أنثى ترافق "الوطن" لن تكون رحلة طويلة باتجاه المستقبل ... ولن يصبح المستقبل مليء بحب يجمعني مع الملامح المتعبة لدمشق بعد أربعة آلاف عام من الولادة.

تخصبني و أخصبك ... وأنت دفق الحياة التي استمر به خارج أروقة "التشريعات" التي اتعبتني والقيم التي تصارعني ... فالجلاء "ناجز" في داخلي .. لكنني لا أعرف إن كان ناجزا في الصورة التي أراها داخل التفاصيل الملتفة على عنقي كأنثى متراكبة مع العشق لـ"ذكورة الوطن" أولا وأخيرا ... فهل "خدشت" الحياء برغبتي.