الغد

كم من الفرح يمكن أن "نسفحه" على المساحة الديمقراطية التي نمتلكها، بعد أن تحررنا من "كل" ما يكبلنا في ممارسة حقنا لاغتصاب "الآخر" ... فـ"تحرير" العراق تسرب بالفعل إلى داخلنا، وإذا أصبح العراق حرا بالفعل وبات كل فرد يتملك كل حقوقه، بما فيها حق قتله للآخر، فإننا أيضا قادرون على إراقة كل ما نملك من اتزان ... أليس الاتزان سمة ديكتاتورية؟! وهل قدرتنا على ابتداع المقالات شأن خارج عن حقوق الإنسان؟!

ليس هناك ما يسيء اليوم في انتهاك الصور المتبقية من طيف الماضي، مادام القانون لا يحمينا من الذم والقدح عبر الإنترنيت، وما دام "صدى النهضة" انتعاش لروح "البادية" كي نجمع كل تاريخ "المؤامرة" في رباعية: حرية، واجب، نظام وقوة ... فتصبح "الحرية" "واجبا" في إطلاق مخيلتنا تجاه كل "النظام" الذي كان مصدر "قوة" لمظهر التيار المعبر عن الحداثة والإنسان الجديد و "الإنسان – المجتمع" ... ومصدر قوة لفهم "نشوء الأمم" ... فمساحة الإنترنيت "المعولمة" بطبعها قادرة على امتصاص حماسنا للقيم، على اعتبار أن "الليبرالية" الجديدة تفرض ضرورة جذب الأنظار أو "إعماء البصيرة".

الثقافة الجديدة المغلفة بمصطلحات حزبية أحيانا، أو بمواقع إلكترونية تملك صورة ذهنية لنهضة مازلنا نحلم بها، ربما لا غنى عنها كي نعطي "المساحة الافتراضية" صورتها الأخيرة كلوحة لنشر الشك ليس بالتاريخ فقط بل أيضا بالحاضر والمستقبل، طالما أن "الخيال الافتراضي" يتجاوز حتى قدرتنا على احترام الآخر ... أليست الحريات تقتضي انتهاك كل ما نستطيع اغتصابه ....

ليس مذهلا هذا "الانفجار" الافتراضي في عالم التواصل ... بل المذهل هو مقدار مرونتنا في الدخول إلى "المواقع" الصفراء لنبتدع ثقافة على سمة "الصحافة الصفراء" لكنها خارج إطار "الحقوق والواجبات" التي تفرضها أدبيات الصحافة ... والقضية هي قدرتنا على زرع الشك بشكل افتراضي مقدمين "ثقافة جديدة" .... ثقافة تحتاج بالفعل إلى "جلاء" ربما في ذكرى الجلاء لأن مسألة الأحزاب ليست قضية على إنترنيت بل مجال فعل حقيقي أو ضرورة اجتماعية للحياة المعاصرة ....

لا تزورا مواقع الإنترنيت ... أو زوروها لأنها تحمل لنا بعضا من الثقافة الافتراضية التي تكسر كل ما كنا نحلم به من حداثة عندما آمنا بقدسية العمل العام.