نعلم تمام العلم ونعرف بدقة شديدة كم هي صعبة وقاسية ظروف الحياة التي يتعرض لها ويواجهها شعبا سوريا والاردن الشقيقين. فسوريا تخضع منذ زمن لحصار امريكي اقتصادي ظالم وتهديد متواصل واثارة للمشاكل بينها وبين شقيقها شعب لبنان. واما الاردن فهي كما يعلم جميعنا بلد فقيرة الموارد الاقتصادية شحيحة الامكانيات الصناعية، فلا موارد مائية كافية للاستخدام وللزراعة ولا مساحات واسعة من الاراضي الصالحة تكفي لتوفير الموارد الغذائية اللازمة ولا ثروة معدنية توفر لها من العملات الاجنبية التي تحتاجها. ولكنها رغم ذلك غنية بشعبها الطيب وقناعاته التي تعوض له عن كنوز من الثروة التي يملكها الاخرون.

ومع صعوبة الظروف التي تكابدها كل من سوريا والاردن فانهما استقبلا في غضون الاعوام الثلاثة الماضية مواطنين عراقيين يعدون حسب آخر التقديرات قرابة الثلاثة ملاين عراقي يعيشون منذ ذلك الحين ولغاية الان مع اشقاءهم في البلدين معززين مكرمين وآمنين دونما مشاكل تستحق الذكر، في وقت نرى فيه دولا عربية اخرى ليست بعيدة عن حدود العراق وهي غنية وتتمتع بامكانيات مالية واقتصادية عالية المستوى، ما زالت تفضل الاستفادة من الاجنبي سواء كعمالة او غير ذلك على ان تمنح مواطنا عراقيا فرصة اللجوء او الاستضافة او العيش على نفقته طلبا للامان الذي افتقده في بلاده بسبب تزايد حجم الارهاب والخطف والقتل العمد الذي تخطط له وترعاه قوات الاحتلال الامريكي.

وبينما نجد المواطن العراقي يعيش في سوريا مثلا كواحد من مواطنيها يتمتع بنفس الامتيازات والحقوق التي يمنحها القانون للمواطن السوري، يجد هذا المواطن انه من المتعذر عليه الدخول الى بعض الدول العربية الغنية والميسورة والتي هي في امس الحاجة الى ما يتمتع به المواطن العراقي من الكفاءة العلمية والادارية والفنية.

وفي الوقت الذي يمكن للمواطن العراقي الدخول الى الاردن والعيش فيه دونما عوائق فعلية وكذلك الامر بالنسبة الى الشقيقة سوريا نجد ان دخول هذا المواطن الى بلدان عربية اخرى قريبا من الاستحالة.

ومما يؤلم المواطن العراقي ويستثير عجبه ان ممثلي هذه الدول كثيرا ما تاجرت بازمته ومحنته الراهنة واطلقت التصريحات الهوائية الفارغة من اي مضمون، عن التضامن والحرص على العراق ووحدة شعبه، في وقت يعرف فيه ان بعض تلك البلدان شارك او ساعد او تواطأ مع الغزو الامريكي لبلاده، وانه رغم عمق الماساة التي يعيشها هذا الشعب والمحنة التي يواجهها في الظرف الراهن لم يفعل شيئا او يحاول ان يفعل شيئا مهما كان ضئيلا لمساعدته على الخروج منها، كما لم يحاول ان يمد يد العون او المساعدة له باي شكل من الاشكال وباي حجم مهما كان كبيرا او صغيرا.

فمرحا لاشقاءنا في سوريا والاردن اللذين يتحملان عبء تواجد هذا العدد الكبير من اشقاءهم العراقيين النازحين هربا من جحيم الموت المجاني الذي بات يهدد الجميع في داخل بلدهم بعد ان كان مثالا للامن والاستقرار والسلام. فالشقيق يعرف وقت الضيق وانتما ضربتما مثالا رائعا لمعنى الاخوة والمصير المشترك في وقت يكاد الاخرون ان يحطموا بايديهم كل تلك الاواصر والعلاقات القومية والاسلامية بينهم وبين شعبهم في العراق.