أكد عدد من أعضاء المجلس التشريعي الجدد والحضور اليوم، على أهمية تطوير العمل البرلماني الحالي بما يتناسب مع خصوصية الشعب الفلسطيني، ونحو أداء فاعل لعمل المجلس يضمن جملة من المرتكزات تؤكد على ضرورة فصل السلطات وعدم الخلط بين الجانب القانوني والسياسي في عمل المجلس، مع إعطاء أهمية كبيرة لاختيار القوانين الملحة والتي تستجيب لحاجات المجتمع الفلسطيني.

جاء في ذلك في ندوة أقامتها الهيئة الفلسطينية لثقافة حقوق الإنسان (هدف)، تحت عنوان: "نحو أداء فاعل للمجلس التشريعي"، رحب خلالها رئيس مجلس إدارة (هدف)، د. يوسف صافي، بالحضور، في حين أكد بان الشعب الفلسطيني سجل انتصاراً حقيقياً وصنع تجربة ديمقراطية فريدة من نوعها، قبلها واحترمها المجتمع المحلي والدولي، كما شهد المراقبون بنزاهتها.

وقال د. صافي إن نجاح هذه التجربة الديمقراطية جاءت نتاج جهد فلسطيني جماعي، بدءً بالرئيس محمود عباس، ومروراً بكافة المؤسسات الفلسطينية، سواء الرسمية وغيرها، وانتهاءاً بالمواطن الذي شارك في هذه الانتخابات عبر الإدلاء بصوته.
وأضاف أننا الآن أمام مأزق سياسي، خصوصاً وأن إسرائيل تمارس سياساتها العنصرية دون رقيب أو حسيب، وفي ظل ما أفرزته الانتخابات الإسرائيلية التي جرت يوم الثلاثاء الماضي، من حصول حزب "كاديما" على 28 مقعد، مما يعني أن هذا الحزب الذي يقوده أيهود أولمرت، سوف يواصل مخططاته أحادية الجانب.

وشدد د. صافي بأننا نواجه العديد من التحديات، حيث معدلات البطالة هي في إزديادة، وهناك أزمة الفقر التي تصل إلى نسبة 62%، ناهيك عن تحديات ظاهرة الفلتان الأمني والفساد الإداري والكثافة السكانية، موضحاً بأن هناك أيضاً تحديات غير تقليدية وهي تتطلب جهد وعمل غير تقليدي، مؤكداً على أهمية أن تتفق مؤسسة الرئاسة مع مؤسسة الحكومة لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية، مع تركيزه -د.صافي- على مركزية العمل الذي يقوم به المجلس التشريعي.

من جانبه، قال مشير المصري، عضو المجلس التشريعي المنتخب عن حركة "حماس"، إن المجلس التشريعي السابق حدد معالم العمل البرلماني، موضحاً بأن البرلماني الحالي سيستكمل العمل البرلماني الذي رسمه البرلمان التشريعي السابق.
وطرح المصري عدداً من المرتكزات التي على أساسها يستند العمل البرلماني، وهي الاختصاص التشريعي، الاختصاص المالي، بالإضافة إلى الاختصاص السياسي.

كما طرح المصري أهمية الانتخابات الدورية للبرلمان، مشيراً بأن إجراء الانتخابات كل معدل زمني متعارف عليه يفعل العمل البرلماني كما يفعل عملية المراقبة الأوتوماتيكية. وذكر أيضاً أن المرحلة السياسية تلعب دوراً مهماً في نجاعة وفعالية العمل البرلماني، مفرقاً بين أن نكون دولة مستقلة وأن نبقى رازحين تحت الاحتلال الذي يفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، وبالتالي يضعف من العمل البرلماني.

ونوه المصري بأن النظام السياسي الفلسطيني دخل الآن إلى مرحلة جديدة تتسم بالتعددية الحزبية داخل قبة البرلمان، مشيراً إلى صحية ظاهرة التعددية وأن ذلك له آثاره الإيجابية على النظام السياسي الفلسطيني وقدرته على التطور، بالإضافة إلى دور المعارضة التي تشكل البوصلة لتصويب عمل الحكومة سواء داخل أو خارج البرلمان.

كما شدد على جملة من القضايا التي تؤكد على فعالية البرلمان، منها على سبيل المثال لا الحصر، التأكيد على عمل اللجان داخل البرلمان، وتطوير الموقع الالكتروني للبرلمان، بما يضمن استفادة كافة أبناء المجتمع الفلسطيني في المواد والمشاريع والقرارات التي يغذيها البرلمان، كما توفير محاضر جلسات البرلمان، والتزام أعضاء البرلمان بحضور الجلسات البرلمانية.

أما عضو المجلس التشريعي السابق، الدكتور كمال الشرافي فقد أوضح بأن البرلمان السابق هو تأسيسي، ويمكنه أن يعيق عملية الانتخابات التشريعية التي جرت في الخامس والعشرين من يناير الماضي لو أراد ذلك، لكن هناك وعي في البرلمان بأهمية دورية الانتخابات وإجرائها في موعدها.
وقال د. شرافي: "نحن نريد أن نتمتع بتجربة ديمقراطية مقارنة بالدول الغربية والمتقدمة، ولكن مع احترام خصوصيتنا كشعب فلسطيني يعاني العديد من المشاكل الداخلية، كما يعاني من الاحتلال الإسرائيلي".

وأضاف: "لا يمكن إلغاء عمل المجلس السابق، ثم إن حالة التخبط التي عاشتها السلطة الوطنية كان سببها غياب المؤسسة، وهذا يؤكد بالفعل على أننا نفتقر إلى المؤسسة الكاملة المتكاملة".
وأكمل: "من أجل تفعيل البرلمان يجب أن يلم الأعضاء بالتقارير البرلمانية، كما يجب تحديد العمل بما يضمن عدم إحداث ازدواجية في العمل، بمعنى أن لا يكون لعضو التشريعي وظيفة أخرى".

وأكد د. الشرافي على أهمية فصل الحزب عن السلطة، كما الأخذ بمبدأ فصل السلطات، وإقرار الذمة المالية لكل عضو تشريعي، كما تفعيل قانون الكسب غير المشروع وتشكيل مؤسسة تعمل على الرقابة والمحاسبة.
وشدد على أنه يجب على البرلمان الحالي حتى يكون قادراً على مواجهة التحديات، أن يسعى لإنهاء حالة الفلتان الأمني، كما الحاجة إلى استقلال القضاء وتجسيد مبدأ سيادة القانون.
كما شدد على ضرورة أن تأخذ الرقابة الشعبية دورها، مع الدور المهم الذي يقع على الرقابة البرلمانية، مشيراً إلى ضرورة الأخذ أيضاً بمبدأ الثواب والعقاب.

هذا وتطرق الكاتب والمحلل السياسي يحيى رباح إلى أربعة ملامح تميز البرلمان الحالي، أولها حسب رباح، وجود التعددية السياسية والفكرية داخل البرلمان، مما يعني حراكاً برلمانياً تؤكده الكتل الموجودة والتي تشكل كل ألوان الطيف السياسي والفكري والأيديولوجي، مشيراً بأن هذا سيخلق لدينا ثقافة التعددية من خلال النقاشات داخل البرلمان.
وقال رباح: "ثاني ما يميز البرلمان الحالي عن السابق هو وجود معارضة مؤثرة تحت قبة البرلمان، وليس خارجها. اليوم لدينا معارضة برلمانية وهذه المعارضة بناءة وهي ضرورية ولازمة".
وأضاف: "الملمح الثالث يتصل بأن غالبية أعضاء السلطة التنفيذية هم من خارج البرلمان، وهذا يعني أنهم متفرغين للعمل الحكومي".

أما الملمح الرابع، والذي أكد عليه رباح، هو ضرورات التوافق الوطني، موضحاً أن هذا التوافق يجب أن يكون سواء داخل قبة البرلمان وبين الكتل المختلفة، أو خارجها، وذلك لمواجهة التحديات الملقاة على الشعب الفلسطيني.

إلى ذلك، أكدت الباحثة والقانونية زينب الغنيمي بأن هناك خلط بين ما هو سياسي وما هو قانوني فيما يتعلق بمهام البرلمان، مشيرةً بأن دور البرلمان لا يتعلق بحل مشكلة البطالة أو الفقر، لأن هذه القضايا هي من صميم عمل السلطة التنفيذية. لكنها أكدت بأن البرلمان له وظيفة وهي سن القوانين ومراقبة دور السلطة التنفيذية.

وشددت على أن أهم مرتكز ومحدد لأداء البرلمان، هو أهمية استقلال الهيئة التشريعية عن السلطة التنفيذية. كما أشارت بأنه لا يمكن أن يستقيم العمل البرلماني في ظل هيمنة حزب واحد.
وأوضحت الغنيمي بأن رئيس البرلمان يجب أن يكون محايداً، حتى يكون هناك دور قوي وفاعل للبرلمان، وهذه من القضايا القانونية التي يجب العمل بها. كما نوهت لأهمية أن تكون هناك بيوت خبرة خصوصاً فيما يتعلق بالقوانين، مثل هيئات حقوق محلية، الاستعانة بالمؤسسات القانونية.. إلخ.
وتطرقت أيضاً إلى أهمية أن تعرض القوانين قبل مناقشتها في البرلمان، أن تعرض على مؤسسات المجتمع المدني.