دعم معنوي من بوش للسنيورة دون مردود عملي :
رئيس الحكومة شدد على إحداث التغيير بالديمقراطية
الديار
أظهرت الحفاوة الرسمية التي أظهرها الرئيس الأميركي جورج بوش للرئيس السنيورة الدعم المعنوي الكبير للبنان، إلاّ أن ما بحثه الرئيسان بوش والسنيورة في الولايات المتحدة الأميركية ليس له أي مردود عملي على الساحة الداخلية، خصوصاً وان المتحاورين يناقشون نقاط الخلاف على طاولة الحوار ولا نيّة عند أي فريق بالتخلي عن مبدأ الحوار.
البعض رأى أن زيارة رئيس الحكومة مهمة جداً الى الولايات المتحدة واللقاء مع الرئيس بوش في البيت الأبيض والإجتماع به لساعتين متتاليتين، وهذا في المبدأ، أما عملياً فالزيارة لا تعدو كونها زيارة من رئيس حكومة لبنان لطلب الدعم في أمور عدة من المفترض أن يتفق عليها اللبنانيون في ما بينهم.
وقد سبقت زيارة الرئيس السنيورة الى واشنطن زيارات عديدة لمسؤولين لبنانيين، بينهم النائب سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط، كما أن البطريرك صفير لقي حفاوة كبيرة في واشنطن، الاّ أنه خلال لقائه الصحافيين في مطار بيروت قال لهم انه يتمنى أن يكون هذا الدعم الأميركي صحيحاً، حيث أضاف انه لا يستطيع الجزم في ما خص الوعود الأميركية.
واذا كانت الأمثلة كثيرة على الدعم المعنوي الأميركي، فخير مثال ما تلقاه الرئيس أمين الجميل من دعم أميركي، لكنه تبيّن في النهاية أنه جمل انشائية ينتهي مفعولها فور العودة الى لبنان.
الاّ أن كل ذلك لا يمنع من أن تدعم الدول الصديقة للبنان أي برنامج إصلاحي يتفق عليه جميع القوى السياسية في البلاد، شرط أن يكون التوافق اللبناني هو الأساس في كل مشاريع الدعم الخارجية التي يمكن ان تعيد للبنان نموه وازدهاره، من دون فرض شروط مسبقة على هذه التقديمات أو وضع أثمان لها لا تصب في مصلحة الشعب اللبناني والدولة اللبنانية في المستقبل.
حدد الرئيس الأميركي جورج بوش مسبقاً أهداف زيارة رئيس الحكومة فؤاد السنيورة للولايات المتحدة الأميركية من خلال عبارات مقتضبة حرص من خلالها على تكرار الإعلان عن الدعم بقوة للبنان «الحر السيد المستقل».
واذ ذكّر بثورة الأرز قال انه «ليس لديه أي شك بأن لبنان يمكن أن يكون نموذجاً جيداً لما يمكن ان يكون عليه الشرق الأوسط الكبير». واضاف ان هذا النموذج يظهر «انه من الممكن لأفراد من ديانات مختلفة ان يعيشوا في سلام جنباً الى جنب، ومن الممكن للناس ان يتركوا الماضي وراءهم».
وكرر المطالبة «بتحقيق كامل» في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وقال «نحن نتعاون مع المجموعة الدولية من اجل تحقيق العدالة».
وقد احاطت الادارة الاميركية زيارة السنيورة بحفاوة ملحوظة حيث جرى لقاء بين الرئيس بوش ورئيس الحكومة والوفد المرافق بحضور وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس، تلاه مؤتمر صحافي قصير مشترك للرئيس الاميركي والسنيورة في حديقة البيت الابيض قبل أن ينتقل الجميع الى مائدة الغداء على شرف رئيس الحكومة والوفد المرافق.
وفي ظل الكلام «العمومي» للرئيس بوش بقيت الاسئلة مطروحة حول طبيعة زيارة الرئيس السنيورة للولايات المتحدة وتوقيتها، لاسيما ان التطورات مؤخراً على الساحة اللبنانية قد افرزت جملة حقائق ابرزها فشل فريق الاكثرية في معركة تنحية الرئيس اميل لحود باعتراف هذا الفريق، وهذا ما يجعل الجولة المقبلة للحوار الوطني في 28 الجاري تتحول الى مجرد محطة قد تكون لبداية مرحلة جديدة من المراحل السياسية في لبنان.
وبينما كان الرئيس السنيورة يزور الولايات المتحدة الاميركية ارتفعت وتيرة السجال بين حزب الله والحزب التقدمي الاشتراكي حيث شن عدد من نواب «التقدمي» حملة على الحزب وجددوا انتقاداتهم الشديدة لسوريا وايران.
وفي طهران التقى وفد من حزب الله برئاسة نائب الامين العام الشيخ نعيم قاسم الرئيس الايراني احمدي نجاد الذي اثنى على مواقف الحزب وهنأه بسلامة امينه العام السيد حسن نصرالله من التخطيط الارهابي للشبكة التي جرى اعتقالها، واكد وقوف ايران الى جانب حق الشعب اللبناني في تحرير ارضه المحتلة.
لقاء بوش ـ السنيورة
وكان الرئيس الاميركي قد استقبل ظهر امس الرئيس السنيورة والوفد المرافق في البيت الابيض بحضور الوزيرة رايس وكرر اشادته بثورة الارز وتأييد الخطوات التي تقوم بها الحكومة اللبنانية.
وقال بوش بعد اللقاء الذي سبق مائدة الغداء انه أبلغ الرئيس السنيورة «ان الولايات المتحدة تدعم لبنان حرا سيدا مستقلا».
اضاف فرحنا لرؤية الثورة التي حصلت واعرف تماما ان نزول مئات الالاف من اللبنانيين الى الشارع للتعبير عن رغبتهم بان يكونوا احراراً يتطلب جرأة وشجاعة وقال: ندعم رغبة الشعب اللبناني بايجاد حكومة تستجيب لمطالبه وحاجاته وندعم حكومة حرة بحق، تكلمنا عن الحاجة الى تحقيق كامل في اغتيال رئيس الحكومة رفيق الحريري وسنعمل مع المجتمع الدولي لتحقيق العدالة. وقال «تحدثنا عن دور لبنان العريق في الاعمال والازدهار. بيروت من العواصم الرائعة وانا مقتنع اذا تحرر لبنان فعلياً بان بيروت ستستعيد دورها كمركز مالي وثقافي وفني. لا اشك ابدا بان لبنان يستطيع ان يجسد مثالاً لما يمكن ان يكون عليه الوضع في الشرق الاوسط».
اما الرئيس السنيورة فشكر الولايات المتحدة الاميركية لاهتمامها بلبنان مشددا على التزام حكومته باحداث التغييرات المطلوبة بالطرق الديمقراطية والسلمية. وقال «اود ان اشكر الرئيس بوش لانه اتاح لي فرصة التواجد هنا في البيت الابيض ومناقشة مسائل مشتركة بين الولايات المتحدة ولبنان ومسائل تتعلق بالاصلاحات التي تجري في لبنان». وقال: شهد لبنان تغييرات مهمة وتعهدنا بالتالي بالحفاظ على المسار عينه، اي على قدر توقعات الشعب في الحصول على دولة موحدة وحرة ومستقلة، وعلى اقتصاد مزدهر. وقال «هذه المسائل التي بحثناها مع الرئيس بوش واود ان انتهز هذه الفرصة لاشكر الرئيس والولايات المتحدة على الدعم الذي قدمته للبنان خلال الفترة الاخيرة وعلى القرارات كافة التي اتخذت منذ اغتيال رئيس الحكومة رفيق الحريري».
فالولايات المتحدة قدمت دعما كبيرا للبنان وانا مقتنع حقا بأن الولايات المتحدة تقف الى جانب لبنان ليبقى دولة حرة ديموقراطية وموحدة وسيدة كما ان الولايات المتحدة تشكل اهمية كبيرة في هذا الصدد.
وكان الرئيس السنيورة قال في طريقه الى الولايات المتحدة الاميركية انه سيطرح مع الرئيس بوش «ما يمكن ان تقوم به الولايات المتحدة من دعم لسيادة لبنان واستقلاله وتعزيز نظامه الديموقراطي وتمكين الدولة اللبنانية من بسط سلطتها على كل الاراضي التي تحتلها اسرائيل الآن وتعزيز قدرات السلطة اللبنانية الامنية وتمكين الدولة اللبنانية من تعزيز قدراتها الاقتصادية بالمشاركة والدعم الذي يمكن ان تقدمه الولايات المتحدة الى لبنان لجهة المشاركة في مؤتمر (بيروت -1) وأشار الى انه سيبحث مع الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان بحضور وزير العدل شارل رزق موضوع انشاء المحكمة الدولية بشأن جريمة اغتيال الرئيس الحريري في اسرع وقت ممكن واتخاذ ما ينبغي اتخاذه من اجراءات لتمديد فترة التحقيق لمدة اضافية خصوصا وان الفترة التي مدد بها للمحقق الدولي برامرتس تنتهي في منتصف ايار المقبل.
وكان السنيورة التقى وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس في مقر اقامته، وبحث معها على مدى نصف ساعة ما تحقق على مستوى الحوار الوطني شارحا اهمية هذه الخطوة التي سمحت للبنانيين باحداث تقدم على مستوى حل خلافات كثيرة كانت عالقة طويلا بينهم.
ونقل السنيورة الى الوزيرة رايس النهج الذي تتبعه الحكومة لحل الخلافات عبر الحوار كما اطلعها على الخطوات التي تم تحقيقها على المستوى الاقتصادي وطلب دعم بلادها للاصلاح الاقتصادي وما تحاول الحكومة انجازه لتعزيز استقلال لبنان واستقراره.
واكدت رايس من جهتها دعم بلادها للحكومة اللبنانية على انها مثال يحتذى به منوهة باحترامها لشعبها والآليات الديموقراطية.