أثار إنشاء جبهة الخلاص الوطني طرح تساؤلات حول أحقية باقي أطراف‎ ‎المعارضة السورية في قبول هذه الجبهة ‏أو رفضها وخاصة مجموعة إعلان دمشق‎. ‎

ويلزمنا لخوض غمار هذه المسألة تصنيف تجمعات المعارضة وتحالفاتها‎ ... فهناك في المعارضة: مستقلون وأحزاب وتحالفات ومنتديات وتجمعات ومجالس ومنظمات حقوق‎ ‎الانسان‎ ... ثم أتى إعلان دمشق ليكون وعاءا قابلا للم شمل الاكثرية أفرادا وأحزابا وتحالفات‎ ‎وتجمعات ومنتديات وتحت مبادئ ‏وأفكار يمكن أن تمثلا قاسما مشتركا‎. إعلان دمشق لم يأت ليوقف الحراك السياسي ويمنع التحالفات ويعترض على المؤتمرات‎. وعليه فيحق لمستقلين في إعلان دمشق أن ينضموا إلى أحزاب بل وأن ينشئوا أحزابا ويحق‎ ‎لاحزاب في إعلان دمشق ‏أن تجري توافقات وتحالفات وجبهات، ويحق لمستقلين وأحزاب‎ ‎ومنشقين عن السلطة أن ينضموا لاحقا إلى إعلان ‏دمشق‎. إن أي حراك سياسي بين أطياف المعارضة نحو التجمع والتوافق والتحالف يجب أن ينظر‎ ‎اليه بمنظار إيجابي لانه ‏يسير باتجاه تخفيف شرذمة المعارضة ولملمة صفوفها‎.

نقطة الالتباس في جبهة الخلاص الوطني هي وجود شبهة التعارض وتنازع الاختصاص مع‎ ‎إعلان دمشق، ولدى ‏التحقيق نجد أنه لا تعارض بل هو توافق وسير في الطريق الصحيح، فلم‎ ‎تدع الجبهة ابتداءا أنها بديل أو منافس ‏لاعلان دمشق وقد أشار بيانها إلى انسجامه مع‎ ‎إعلان دمشق ثم جاءت تصريحات أقطابه لتزيد هذا التأكيد وضوحا ‏وجلاءا في أكثر من‎ ‎مقابلة و تصريح صحفي‎. بعض رموز إعلان دمشق اعتبر أن الاخوان تسرعوا في إعلان الجبهة وأنه كان الاولى بهم‎ ‎أن يصبروا ويستشيروا ‏أكثر، وهذا كلام يدخل في ساحة الاستحباب والتفضيل ومن المؤكد‎ ‎أنه لا يصلح إشارة أو دليلا على مخالفة الجبهة ‏للاعلان‎. حقيقة الامر أن هذه الجبهة متوافقة مع إعلان دمشق وليست بديلا عنه غيرأنها أول‎ ‎إمتحان كبير لرموز إعلان دمشق ‏في التعامل الواقعي مع منشق عن السلطة من الوزن‎ ‎الثقيل هو الاستاذ خدام. فرغم دعوة إعلان دمشق رموز وأركان ‏النظام على الانشقاق فهو‎ ‎لم يذكر شروطا لذلك مما فتح بابا لاشتراطات جديدة متباينة غير متفق عليها ولكنها‎ ‎ببساطة ‏لا تصلح حجة لرفض حالة الاستاذ خدام بناءا على معطيات الاعلان، أما إن كان‎ ‎من أعضاء الاعلان من لديه وجهة ‏نظر خاصة واشتراطات معينة فهذا شأنه هو ولا علاقة‎ ‎لاعلان دمشق به‎.‎ المعارضة في الداخل نصف سجينة أو قل هي في سجن كبير، وسيمارس عليها النظام لعبة‎ ‎عض الاصابع ولن ‏تجاري عضات قط عضات الاسد، لذا سيكون من الخطأ أن تسير معارضة‎ ‎الخارج على إيقاعات معارضة الداخل ‏التي يمسك النظام بسلمها الموسيقي‎.

المعارضة في الخارج سيكون لها دور مهم على المدى الطويل لتوفر هامش الحرية‎ ‎والحركة أمامها، والمعارضة في ‏الداخل ستكون أسيرة النظام حتى ربع الساعة‎ ‎الاخيرة من عمر النظام وعندها ستتحول هذه المعارضة الى جموع ‏الجماهير من كافة‎ ‎الاطياف والتي طال صبرها لتقول كلمتها الاخيرة في تسلم الزمام وإحداث الاصلاح‎ ‎وإقصاء الفساد ‏والظلم‎. وهكذا فلكل جانب من المعارضة دوره الواقعي المناسب لوضعه وطبيعته، والعقل يقتضي‎ ‎أن يعمل كل طرف بما هو ‏متاح له ودون تعطيل للطرف الثاني، سيلجأ النظام بشكل‎ ‎متتابع إلى إضافة خطوط حمراء على هامش عمل ‏المعارضة، خطوط حمراء لمؤتمرات‎ ‎الخارج، خطوط حمراء للتعامل مع المنشقين، خطوط حمراء للتعامل مع ‏الاخوان، خطوط‎ ‎حمراء للعمل السياسي مع قوى المجتمع الدولي، وعندما سيلتف الحبل غليظا حول عنق‏‎ ‎النظام ‏ستصبح كل أشكال المعارضة خيانة وخطوطا حمراء، وأتمنى أن يكون توقعي خطأ‎ ‎وأن تسير الامور بما يهواه ‏المتفائلون‎. ‎