تحدث المسؤول الاميركي السابق الذي انتقل الى احد أبرز مراكز الابحاث في واشنطن عن انطباعاته بعد زيارته لبنان ولقاءاته وعدداً لا بأس به من سياسييه وقياداته قال: "سألت البطريرك الماروني نصرالله صفير: لماذا لا تتحالفون مع الشيعة؟ فأجاب: لا لتحالف مع الشيعة ولا لتحالف مع السنة. اي لا نستطيع ان نكون (اي المسيحيون) مع طرف ضد آخر في لبنان. وضعنا لا يسمح لنا بذلك ومعه الوضع العام في البلاد فضلا عن التركيبة الشعبية فيها".

اضاف: "لم يعد المسيحيون في لبنان قوة. هناك قوتان صاعدتان فيه هما السنّة والشيعة". سأل: "هل ان فكرة تحالف الاقليات كانت وراء تحالف العماد ميشال عون مع "حزب الله"؟ ام ان خياراته السياسية وطموحاته هي التي تحدد حركته وتاليا التي تجعله يقترب من الجهة التي تستطيع ان تؤمن له الوصول الى موقع رئاسة الجمهورية؟ في اي حال ان السنّة وحلفاءهم من المسيحيين والدروز لا يحبذون الطموح الرئاسي لعون علما انهم يستطيعون تأمين انتخابه رئيسا، كما ان الشيعة يستطيعون ان يحولوا دون وصول غيره الى هذا الموقع بالتعاون معه طبعا. من شأن ذلك كله ابقاء العماد اميل لحود في رئاسة الجمهورية. ان فكرة تحالف الاقليات سواء في لبنان او في المنطقة قد يكون البحث فيها ممكنا على المدى البعيد ولكن ليس الآن بسبب الصراع الكبير بين المجتمع الدولي واميركا من جهة وايران واستطرادا سوريا من جهة اخرى". انتقل المسؤول السابق نفسه الى الحديث عن انطباعاته عن عدد من اللقاءات المشار اليها اعلاه قال: "انطباعي ان النائب سعد الحريري زعيم تيار "المستقبل" وكتلته النيابية جيد وعنده "قماشة". لكنه لا يزال يحتاج الى شيء من الخبرة رغم ان ما اكتسبه منها منذ دخوله معترك السياسة قبل نيف وعام ليس قليلا على الاطلاق". العماد ميشال عون يريد الرئاسة بأي ثمن. والفرصة الحالية هي الاخيرة لوصوله اليها. انه ينتقد قانون الانتخاب. ولا يعتبر الاكثرية اكثرية ويعتقد انه يستطيع تغيير هذه الاكثرية او افقادها هذه الصفة اذا نظر المجلس الدستوري في الطعون النيابية المقدمة منه ومن كتلته لانه "واثق" من حصوله ساعتها على عشرة مقاعد نيابية جديدة. وهو يدافع عن حلفه و"حزب الله". في بعض الدوائر في واشنطن خيبة من العماد عون وتحديدا بسبب الحلف المذكور. قائد الجيش العماد ميشال سليمان جيد. قام بعمل جيد عندما حمى تظاهرات 14 آذار تلافيا لمجزرة رغم "الاوامر" السياسية. هل كان يتصرف انطلاقاً من طموحات رئاسية ام من حرص على البلاد؟" اجبت: في اعتقادي من حرص على البلاد اولا. اما بقية الامور فقد تكون موجودة او لا تكون، لكنها ليست المنطلق لتصرفاته ومواقفه. تابع: "البطريرك الماروني صفير يعتبره القريبون منه صادقا وقويا. انطباعي انه لا يكن الكثير من الود للعماد ميشال عون. هناك بعض الناس القريبين من الوزير السابق ميشال اده يريدون وصوله الى رئاسة الجمهورية بأي ثمن".

عاد المسؤول الاميركي السابق نفسه الى الحديث عن الوضع اللبناني العام بتشعباته الخارجية قال: "يفكر بعض القادة اللبنانيين بسذاجة في موضوع "حزب الله" وسلاحه. يعتقدون ان هناك املا في ان يتخلى عن سلاحه بعد تحرير مزارع شبعا. انا لا ارى ذلك. والادارة الاميركية ايضا. ينسى اللبنانيون او يتناسون ان "حزب الله" ليس معادلة داخلية فقط ولا معادلة شيعية فقط. هناك معادلة اقليمية وتحديدا ايرانية – سورية لا يستطيع ان يخرج منها".

عن لبنان وسوريا ايضا تحدث عضو عامل مهم في مركز ابحاث اميركي معروف بموضوعيته "الشرق الاوسطية" اذا جاز التعبير، قال: "العلاقة بين سوريا واميركا ليست جيدة. لكنها ليست ملتهبة. اي لا كلام ولا اتفاقات ولا مواجهة عسكرية. هناك سياسة انتظار "خبيثة". طبعا يشعر الاميركيون بالغضب من النظام الحالي في سوريا. لكنّ هناك خوفا من "انفراطه" وتحول سوريا ساحة لفوضى لا يمكن ان تبقى محصورة داخلها. ذلك انها ستتجاوز الحدود السورية الى لبنان وقد تعم المنطقة، فضلا عن ان لا مصلحة لاسرائيل في انهيار النظام السوري".

هل يمكن في رأيك ان تتحسن العلاقات بين سوريا واميركا؟ اجاب: "لا احد يعرف المستقبل. وهو رهن بالتطورات في سوريا ولبنان والمنطقة". هل يمكن ان يعود التفاهم بين سوريا واميركا على حساب لبنان؟ اجاب: "كلا، اي لن تعود القوات السورية الى لبنان مثلا. هناك خطوط حمر ستضعها اميركا والمجتمع الدولي. في اعتقادي ان سوريا، على حماقاتها وسوء تصرفها، اذكى من ان تتجاوز هذه الخطوط او تتجاهلها. على كل حال هناك جهات دولية قد تكون روسيا ابرزها قد تعمد الى عقلنة سوريا واقناعها بعدم تجاوز الخطوط الحمر. ان لبنان مهم لاميركا، فهو انجاز ديموقراطي لها في وقت "عزت" فيه الانجازات وخصوصا في العراق او غابت. لكن فيه مشكلات كثيرة قد تكون مماثلة للمشكلات في الدول التي حقق فيها الشعب تغيرات مهمة في الطاقم الذي كان يحكمه مثل اوكرانيا وجورجيا. كان هناك رأي عند عدد قليل في واشنطن بضرورة الاستفادة من السفير الاميركي في لبنان جيفري فيلتمان الذي اظهر قوة وخبرة ومراساً واحترافا باعادته الى واشنطن وتعيينه مساعدا لوزير الخارجية للشؤون الاسرائيلية. وهذه ترقية.

اما البديل منه في لبنان فيكون عاديا او في بداية خبرته الديبلوماسية، وانطلق اصحاب هذا الرأي من اقتناع بان وضع لبنان معقد وطويل. لكن هذا الرأي صرف النظر عنه ولم يأخذ به احد او ربما لم يطرح على بساط البحث الجدي حيث يجب. وربما كان اهمال الرأي المذكور تلافيا لاعطاء خطوة نقل فيلتمان من بيروت اشارة خاطئة الى اي جهة وخصوصا سوريا الامر الذي قد يدفعها الى حسابات خاطئة وتاليا الى ممارسات مسيئة للبنان ولاميركا". اما في موضوع سوريا، تابع العضو المهم نفسه في مركز الابحاث المشار اليه، "فلم تقبل الادارة اقتراحا قدمتُه في صورة غير رسمية يقضي باعادة السفيرة الاميركية مارغريت سكوبي الى دمشق التي سحبتها منها الخارجية قبل اشهر طويلة. انها سفيرة قوية. وبوجودها نستطيع ان نوضح سياستنا من الرئيس السوري له. وان نعرف في الوقت نفسه ماذا يجري هناك. العلاقات عادة بين القائم بالاعمال وسلطات البلاد التي يعمل فيها تقتصر على وزارة الخارجية، وقد يقابل وزيرها في اوقات محددة. وهذا الاخير يمكن ان ينقل الى رئيسه ما يريد وان يحجب عنه ما يريد. طبعا لا يعني ذلك التقليل من كفاءة القائم بالاعمال الاميركي في دمشق ستيفن سيش. فهو جيد جدا".

هل يمكن توقع تسوية سورية - اميركية على صعيد التحقيق الدولي الجاري في اغتيال الرئيس رفيق الحريري بحيث تحصر المسؤولية عنه في حال ثبوتها بأشخاص من مستويات مخفوضة؟ اجاب العضو المهم في مركز الابحاث نفسه: "هذا أمر لن تقوم به اميركا. يمكن ان تقوم به جهات دولية اخرى. واذا حصل ذلك فان اميركا لن تعترض او ترفض شرط ان يصب في ترتيب الموقف السوري من كل القضايا الخلافية مع المجتمع الدولي واميركا"؟.

ماذا تقول بعض مراكز الابحاث في واشنطن عن لبنان وسوريا ايضا وايضاً؟