معاريف

عمير ربابورت

إن سيارات المرسيدس الفخمة التي شوهدت مؤخراً في شمالي السامرة، دلت على ان أموالاً كثيرة قد وصلت إلى المنطقة. وقدروا في الشاباك أن الامر يتعلق بأموال إيرانية أرسلت بواسطة حزب الله لصب الزيت على نار الارهاب. الأموال التي يتم الحديث عنها تبلغ عشرات الالاف من الدولارات (نقداً)، وهي تصل إلى أيدي من يتعهد بتنفيذ عمليات داخل الأراضي الاسرائيلية.
ولكن لا جدوى من التفكير بالسبب الذي ادى الى عملية امس، والقول فقط انه المال الايراني. صحيح ان هذا المال يشكل عاملاً مشجعاً للعمليات، الا انه توجد أسباب أخرى لذلك وهي ان فترة الهدوء التي تمتعت بها اسرائيل بعد اعلان الفلسطينيين عن التزامهم بالتهدئة قد انتهت وان الارهاب قد عاد.
ان سبب عودة الارهاب يجب ارجاعه أولاً وقبل كل شيء الى ما يجري داخل السلطة الفلسطينية، قبل سنة عندما اعلن رئيس السلطة الفلسطينية ابو مازن عن معارضته للارهاب، كان يقصد كل كلمة من كلماته، لكنه عندما وصل الى مرحلة الفعل، لم يجرؤ على التصادم مع الجهاد الاسلامي وبقية الفصائل المنشقة عن فتح التي استمرت في تنفيذ العمليات. زعامته في حالة تراجع، وفي الاسابيع الاخيرة منذ اقامة حكومة حماس، فان الوضع فقط ازداد خطورة من ناحية اسرائيل. اليوم تقف امامنا سلطة فلسطينية برأسين، رئيس السلطة يواصل ادانة العمليات وفي الوقت نفسه غالبية وزراء الحكومة الجديدة يعزفون لحناً آخر.
رغم ذلك فان بعض الاجراءات الاسرائيلية تشكل سبباً في عودة الارهاب. مسؤولون كبار في المؤسسة الامنية كانوا مرتاحين من حقيقة، وهي ان عدد العمليات في العام الماضي قد تراجع. لكن كان يجب ان يكون واضحا لديهم ان الامر يتعلق بمرحلة مؤقتة، وان الاعتقاد بأن الجدار العازل ومعلومات الشاباك الاستخبارية هي التي تحبط العمليات، كان امرا مبالغاً فيه. أما المستوى السياسي فهو الآخر لم يحسن استغلال هذه الفرصة لاحداث انطلاقة في العملية السياسية مع ابو مازن. وعوضا عن ذلك فان خطة فك الارتباط بعثت برسالة للفلسطينيين مفادها ان الطريق الاسلم لتحقيق الاهداف هو من خلال النضال لا المفاوضات.
في كل الاحوال ان الحجم الهائل للانذارات الاستخبارية الذي كان حتى يوم امس قبل العملية وصل الى 19 انذارا مركزاً، هو يشبه تماما ما كان سائداً في ذروة المواجهة قبل عدة سنوات، الامر الذي يدلل على ان اسرائيل تقف امام محاولة شن موجة ارهابية شاملة وأن عملية الامس القاسية لا تعبر عن نجاح عارض للجهاد الاسلامي. ان الانذارات الاستخبارية ما زالت سارية المفعول وخيارات اسرائيل العملية في ظل هذا الوضع سيئة جداً.
يتعين على الحكومة ان تقرر منذ هذا الصباح هل تقبل بتوصية المؤسسة الامنية في فرض كامل المسؤولية على حماس التي تترأس السلطة الفلسطينية وتتخذ ضدها اجراءات حادة.
وفي السياق حتى لو تحقق فقط جزء صغير من الانذارات الكثيرة، ولم تستطع المؤسسة الامنية صد موجة الارهاب، فان الحكومة الجديدة ستضطر منذ بداية طريقها الى الحسم بين هجوم واسع في المناطق الفلسطينية على نمط حملة السور الواقي في العام 2002 وبين، على سبيل التمييز، بحث خطة الانطواء القائمة على جدول الاعمال.