هآرتس

زئيف شيف

ثمة لهجوم يوم أمس مدلول استراتيجي، ذلك أنه الهجوم الانتحاري الاول في عمق اسرائيل بعد تشكيل حكومة حماس وبعد انتخاب حكومة جديدة في اسرائيل. الهجمات هي من فعل الجهاد الاسلامي، لكن المسؤولية هي لحكومة حماس. باتجاه الخارج، يقول قادة المنظمة ان هذه العمليات تعتبر "دفاعاً عن النفس"، ولكن في الاحاديث الداخلية فانهم يقولون لـ"الجهاد" انه توجد مصلحة للحكومة الفلسطينية الجديدة في الحفاظ على الهدوء واستقراره داخل مناطق السلطة.
الجهاد يعلم بشكل واضح ان حماس لا تنوي العمل ضده ومنع عناصره من مواصلة شن الهجمات الانتحارية. عدد الانذارات المحددة عن هجمات انتحارية وصل في هذه الايام الى الذروة. لقد نفذت حركة الجهاد الاسلامي خلال السنة الاخيرة 6 عمليات انتحارية داخل اسرائيل، وخرج اغلبية منفذيها من شمالي الضفة. لكن لماذا ارتفع عدد الانذارات؟، من الواضح ان المال الايراني الذي يتدفق الى الجهاد الاسلامي يمكن المنظمة من تجنيد عدد كبير من المتطوعين، لتنفيذ هجمات انتحارية في اسرائيل.
حكومة حماس تبدو غير قادرة على السيطرة، وقد فشلت في الاسابيع الماضية في منع حدوث صدامات واعمال تبادل لاطلاق النار في القطاع، التي كان لفتح نصيب وافر فيها، لكنها، مع ذلك، سجلت لنفسها انجازاً جيداً في الاسبوع الاخير. موسكو، التي تعتبر حليفة لايران، اعربت عن نيتها مساعدة الحكومة الجديدة، اي ان روسيا، وبخطوة عدائية لا مبرر لها، تؤيد الذين يهاجمون اسرائيل باستمرار، وقبالتها، فان الولايات المتحدة، ومعها معظم الدول الاوروبية، تنظر الى اعمال العنف والارهاب على انها اعمال خطرة لحركة حماس، لكن هذه الدول تواصل تأييد ودعم رئيس السلطة، ابو مازن، وعلى الرغم من ضعفه، فان لديهم الانطباع أنه ما زال يسيطر على الاجهزة الامنية وعلى الجهاز المالي والعلاقات الخارجية.
ومن ناحية أخرى، فان لحماس نصيباً لا بأس به في عمليات قصف صواريخ القسام على اسرائيل، بهدف ايقاع الضرر بالمستوطنات الاسرائيلية. الجميع مشارك في هذه العمليات، فكيف يتعين على اسرائيل ان ترد؟، من الواضح ان عليها الامتناع من القيام برد عسكري هستيري، مثل الاحتلال من جديد. حتى الآن، ردودها كانت منتقاة وضعيفة. فلا يبدو ان الصدى التي تخلقه المدفعية في ردها على اطلاق الصواريخ يؤثر بالمطلقين. البرهان على ذلك هو انضمام منظمات أخرى الى عمليات الاطلاق، ومؤشرات كثيرة تشير الى ان هذا الاتجاه سيشتد.
وفي الضفة، فان العمليات تتركز أكثر على الاعتقالات الواسعة، وخصوصا ضد عناصر الجهاد الاسلامي، وعلى الرغم من ازدياد اعداد المعتقلين.
من الواضح ان اسرائيل لم تنجح بتجفيف نبع الارهاب. والبرهان هو ان عدد المتطوعين للانتحار غير قليل. التصريحات عن الانتصار الساطع على الارهاب بدت في هذه الايام كنكتة سيئة. اسرائيل مستمرة في الفشل في عملية ردع الداعمين للانتحاريين. العقوبات على هذا العمل الخطير سخيفة. من الواضح ان محاربة الارهاب يجب ان تستمر بشكل مكثف حتى في شمال الضفة، وسوية مع استكمال بناء الجدار. الذي تسير عملية البناء فيه على نحو غريب ايضاً.