من العبث أن ينصرف كاتب يومي إلى معالجة حالة الطقس أو أزمة السير في عمان، فيما يشتعل المطبخ السياسي والصالونات النخبوية ولربما الشارع العادي بالحديث حول قضية شكلت صدمة كبيرة لنا جميعا.

من المبادىء الأولى التي لا يناقش فيها أحد أننا نعيش في الأردن حالة أمنية خاصة جدا، أشار إليها النائب الدكتور ممدوح العبادي في حديث إذاعي صباح أمس، خاصة بعد تفجيرات عمان السيئة، التي تركتنا جميعا في حالة صدمة كبيرة، فبعد سنوات طويلة من الهدوء والاسترخاء، فرض علينا أن نتعايش مع إجراءات أمنية معقدة أحيانا، في حلنا وترحالنا، وهي إجراءات وإن كانت تثير الضيق والملل، إلا أنها تبعث في نفوسنا جميعا شعورا بالراحة والاطمئنان، كونها تشكل حزاما من الأمان لمجتمعنا، الذي استهدف أمنه على نحو سافر، وترك في وجداننا جرحا غائرا من الصعب أن ينسى أو يشفى، ولعل هذه الأرضية تجعلنا حساسين جدا تجاه أي أنباء أو شبهات تحوم حول حيازة أو تهريب مواد قاتلة، قد تستعمل على نحو مدمر، من هنا وقعت أنباء ضبط تهريب أسلحة ومتفجرات وإدخالها إلى الأردن كالصاعقة على رؤوسنا، ومما زاد من هول الصدمة وألمها أن التهريب نسب لأفراد في حركة حماس، الحركة الصغيرة في تنظيمها، لكنها تحظى باحترام ومحبة وشعبية من قطاعات الشعب الأردني والعربي والإسلامي،

والفكرة الأولى التي تخطر ببال أي مواطن محب لبلده وأمته أن ثمة لبسا من نوع ما وقع في السياق، ولربما يكون هناك طرف ثالث حاول أن يوقع بين الحكومتين الأردنية والفلسطينية، أملا في إحداث هوة بينهما، في ظرف أحوج ما تكون فيه الحكومة الفلسطينية لأي موقف داعم أو متعاطف، خاصة من جار حميم وأخ كريم، له أياد بيضاء على الشعب الفسطيني، وحركة حماس تحديدا، ولا داعي للتذكير بمآثر الحسين رحمه الله عليها، وعلى رموزها وقادتها (خالد مشعل أنقذ من محاولة اغتيال، أحمد ياسين حرر من الأسر، وموسى أبو مرزوق أفرج عنه من اعتقال في سجن أمريكي) ما يعني أن هناك تاريخا وسياقا يمنع الحركة من ارتكاب مثل هذه الحماقة غير المحسوبة، إلى ذلك، لو لم يرد الأردن أن يستقبل الزهار لما دعاه ولما وافق على زيارته منذ البداية، ما يؤكد أن الضغوط التي مارستها الجهات الدولية لم تفلح في ثني الأردن لا عن تهنئة حكومة حماس ولا دعوة الزهار، إضافة إلى أن الأردن لم يكن البلد العربي الوحيد الذي لم يستجب للضغوط الدولية، فقد استقبل الزهار في دول الخليج وخاصة السعودية، في ظل كل هذا نعتقد أن ثمة طرفا ثالثا دخل على الخط في الوقت القاتل وفعل ما فعل للتأثير في هذا السياق، إلحاقا للأذى بالأردن وفلسطين على السواء