نضال حمد

في مثل هذا اليوم 22 ابريل 1979 كان سمير القنطار ورفاقه الشهداء على موعد مع تأكيد العمق العربي للقضية الفلسطينية ، ومع تفعيل الأصاله والانتماء عبر إظهار القدرة الفلسطينية العربية في الرد والفعل. سمير القنطار ، ماجد ، مؤيد و أبو اسعد الأبرص شباب عرب من تنظيم جبهة التحرير الفلسطينية، رفاق لطلعت يعقوب وأبو العمرين فؤاد زيدان وسعيد اليوسف وأبو كفاح فهد وحفظي قاسم وأبو خلدون وأبو سعدو وغسان كايد وعبد حمد.. شباب آمن بان الصراع مع الاستعمار والاستئصال الصهيوني صراعا لا يتوقف عن فلسطين فقط فالأعداء يتربصون بالعرب أجمعين. أنه صراع مع الغرباء المستعمرين الذين سرقوا بلادهم فلسطين وأجزاء من سوريا والأردن ومصر و لبنان.

أخذ هؤلاء الشباب العبرة والمثال من الشهيد اللبناني الأول عز الدين الجمل ومن يحيى سكاف رفيق دلال المغربي في عملية الشاطئ. ومن الشهداء العرب العراقيين والسوريين والفلسطينيين في عمليات الخالصة وأم العقارب وترشيحا وكفار جلعاد والمنارة والحمة. شباب عربي آمن بان ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة ، وبأن هذا العصر هو عصر الأقوياء وبما أنهم أحفاد صلاح الدين وسيف الله المسلول والفاروق وصاحب ذو الفقار وباب الحكمة وسيد الشهداء .. وبما أنهم أبناء جيل بناه الزعيم حمال عبد الناصر بناءا قوميا راسخا وصلبا ، وأبناء جيل عزز قناعاته القومية والتقدمية الزعيم كمال جنبلاط ، وجد هؤلاء أنفسهم يتسابقون على الوصول إلى فلسطين ومصارعة الاحتلال هناك.

توجه هؤلاء الأبطال العرب لمواجهة عدو سرق الأرض وطرد الشعب واستولى على البلاد ثم ادعى وأخذ يدعي بأنه لا يوجد شيء اسمه شعب فلسطيني ولا ارض فلسطينية. ولكي يؤكد لهم أبناء الأمة العربية ان فلسطين التي هي جنوب سوريا وجزء لا يتجزأ من الأمة العربية ، كانت المجموعة التي نفذت العملية تحمل اسم الشهيد القائد العربي التقدمي الراحل كمال جنبلاط ويقودها اللبناني العربي التقدمي ابن عبيه وجبل لبنان سمير سامي القنطار. وكان برفقة سمير فلسطيني وسوريان ، وحملت العملية اسم الزعيم العربي الكبير جمال عبد الناصر لتؤكد ما آمن به هؤلاء من ان الصراع مع الصهاينة لا يقتصر على فلسطين بل يشمل كل العرب من المحيط الى الخليج.

فجر الثاني والعشرين من نيسان ابريل سنة 1979 وصلت المجموعة الفدائية إلى نهاريا مثقلة بآلام شعب وأمة خذلتهم الأنظمة المرتهنة والحكومات المستوردة ، تلك التي عجزت عن المقاومة والمجابهة ومواصلة الصراع فوصل بعضها إلى حظيرة سلام الشجعان مبكرا. كما حدث مع نظام أم العروبة،حيث كانت اتفاقية كمب ديفيد بين مصر التي غاب عنها عبد الناصر وغابت عنها شمس القومية العربية والمد الناصري. فحصلت الردة المصرية الرسمية في زمن الرئيس الراحل السادات. فحصلت مصافحاته الشهيرة مع جزار دير ياسين سابقا وصبرا وشاتيلا لاحقا مناحيم بيغن ومساعده الأقرب ارييل شارون ومع غلاة الصهيونية.

جاءت عملية نهاريا في زمن سادته لغة الهاربين إلى الأمام تحت وطأة المواجهة المكلفة والحالة الاقتصادية الصعبة والغرور والقبضة الحديدة والأنظمة القمعية البوليسية المخابراتية العسكرتارية، أنظمة المراهنة على الأمريكان،بعدما توصل السادات ومن فكروا على شاكلته بأنهم يجب ان لا يصدقوا وعود العربان الأغنياء بدفع فواتير المواجهة أو تعزيز الحالة الاقتصادية الصعبة لمصر العربية وسوريا ودول المواجهة أو دول الطوق. ففضل التوجه بنفسه إلى الصهاينة والأمريكان. وهو مدان بكل تأكيد ولا يوجد ما يبرر وضعه العرب بدون سندهم الكبير مصر التي أرادها عبد الناصر قلعة العرب والأمة. ومع هذا نقول لو ان الدول العربية الغنية ساهمت بجدية في دعم دول المواجهة هل كان السادات او غيره من الذين ركبوا قطار أمريكا سيفعلون ما فعلوه ؟.. لا املك إجابة شافية تماما على هذا السؤال .. لكن، لو ان هؤلاء عملوا الذي يجب عمله بإخلاص وبعيدا عن الحسابات الضيقة والمصالح الأنانية وسماع توصيات الاستعمار العالمي المعادي للعروبة والعرب والمؤيد للصهاينة، لكنا في زمن غير زماننا الحالي.

بعد مضي 27 عاما على عملية نهاريا المميزة والبطولية تغيرت الدنيا وتبدلت وصارت بلاد العرب أوطاننا ، وطن سمير وماجد ومؤيد ويحيى وسلطان وسعيد ومروان.. صارت أوطاننا تحيا بالتوقيت الصهيوني الأمريكي. فالغرباء في فلسطين والعراق يدنسون ارض السواد وارض الجهاد. والشباب العربي المؤمن بان بلاده لا بد ستكون مقبرة للغزاة كما كانت على مر الأزمنة والعصور، يواصل درب ومسيرة سمير ورفاقه في المواجهة والمقاومة ومجابهة الاحتلال وأبو رغالاته وعلقمييه في كل مكان.

سمير القنطار نعم لقد طال الانتظار .. فان حريتك وآلاف المعتقلين والأسرى تبقى أمراً مؤجلاً إلى أن يجد العرب وسيلة وطريقة لإطلاق سراحك وكل الأسرى الآخرين سواء بالسلام أو بالقوة. فمجرد وجودكم في سجون الاحتلال هو وصمة عار على جبين امة الضاد. فكل أبناء وبنات الأمة يعرفون أنه يوجد في سجون الصهاينة ما يقارب عشرة آلاف أسير ومعتقل من بينهم 60 أسيراً عربياً لا تطالب حكوماتهم بهم وكأنهم من كواكب أخرى غير كوكب الأرض حيث تقع الدول العربية السعيدة. وكأنهم لا يعنون لدولهم أي شيء. ان الأنظمة البائسة والعاجزة لم تحرر طفلاً ابن سنتين من سجون الاحتلال فهل ستحرر أسيرا مضى على وجوده عشرات السنين؟ وهناك من الأسرى من أقامت حكومات بلادهم علاقات سلام وحسن جوار وتعاون مع الاحتلال الصهيوني ورغم هذا لم تطلق دولة الاحتلال سراح أي سجين من سجناء تلك الدولة الهاربة إلى الأمام.

سمير العزيز ، أيها الشهم الأبي الكبير والمعطاء والصابر على المصير وواقع الحال ، نعم طال الانتظار وطال، لكن خلفك يا ابن جبل العرب ، أمة وجيل عربي مقاوم لا بد ان يعيدك للجبل معززا مكرما مهما ساءت أحوال الأمة ومهما بدت الأوضاع معقدة وصعبة وسوداوية.. لأنك ومن معك من الأسرى الفلسطينيين والعرب أمانة في أعناق امة لم تنم رغم السبات وضيق ذات اليد وواقع الحال.. نعدك يا سمير بأن تعود حرا طليقا تسرح وتمرح في حريتك بين دول العرب التي ستعود دولة واحدة بدون احتلال وعملاء احتلال.