حين قرأت ’’إعلان عمان’’ الذي وقعه وزير الخارجية عبد الاله الخطيب ووزير الخارجية الاسباني ميغيل موراتينوس بالأمس، تذكرت زيارتي الأخيرة لمدريد تضامنا مع تيسير علوني، وهالني أن هناك أكثر من عشرين آخرين متهمين معه، كل ذنبهم أنهم عرب مسلمون، ولهم علاقات مع آخرين عليهم بعض علامات التساؤل!

على هامش تلك الزيارة التقيت زوجة تيسير وأبناءه، وأسر المعتقلين الآخرين، وشعرت معهم بمرارة الظلم الذي وقع عليهم، ’’اعلان عمان’’ يمثل وثيقة تؤكد على اهمية الحوار بين الحضارة الغربية من جهة والحضارة العربية والاسلامية من جهة اخرى والتعاون بينهما ونبذ الارهاب والتطرف، الوثيقة تؤكد على عمق العلاقات التي جمعت الحضارة العربية والاسلامية من جهة والحضارة الغربية من جهة اخرى وضرورة التعاون بينهما في اطار من التكامل لا الصراع والتنافس والحاجة للحوار والتفهم والاحترام المتبادل، كما تدعو الوثيقة الجاليات العربية والمسلمة في الغرب والجاليات الغربية في العالم الاسلامي والعربي الى ان تشكل جسرا للتفاهم والتقارب بين الحضارتين من خلال سلوكها المميز واحترامها لقيم وقوانين وانظمة الدول المضيفة، وفي هذا السياق ثمنت حكومتا الأردن وإسبانيا الموقف الدولي الايجابي والمرحب بالمبادرة الاردنية الهامة المتمثلة في ’’رسالة عمان’’ والتي تعكس الصورة الحقيقية للاسلام وقيمه العظيمه واهدافه النبيلة بالسلام.. وتؤكد كذلك على المعاني الانسانية السامية وقبول الآخر وترفض التطرف باعتباره انحرافا عن القيم الاسلامية..

ولهذا فهي تهدف لتحقيق تفهم أعمق للعقيدة الاسلامية التي تحترم كل البشر وتؤسس لارضية مشتركة بين مختلف العقائد والشعوب.. كل هذا كلام جميل جدا، يعكس روحية إيجابية في التعامل مع الملف الإسلامي، لكنها تصطدم على نحو أو آخر مع تجربة عربية إسلامية غير سارة مع القضاء الإسباني، الذي أدان مراسل الجزيرة تيسير علوني، وعددا من المسلمين الاسبان، بتهم مختلفة تتركز على انتمائهم الإسلامي، وممارستهم لحرياتهم العامة، خاصة بالنسبة لتيسير علوني الذي اتهم بالتعاون مع جماعة ’’إرهابية’’ فقط لأنه أجرى حديثا متلفزا مع أسامة بن لادن!

محكمة تيسير وكما نقل عن محاميه، أصدرت حكمها بسجنه بناء على شكوك الشرطة والقضاة، وليس استنادا إلى أدلة تثبت تورطه بالتهمة المنسوبة إليه، كما أن التهم لم تقم على أسس قانونية أو أدلة ثبوتية، وأن هناك مخالفات قانونية خطيرة بإجراءات وحيثيات المحكمة التي حكمت على علوني بالسجن سبع سنوات.. الموضوع الرئيس في محاكمة علوني هو إجراؤه لمقابلة مع ابن لادن، في حين أن صحفيا إسبانيا شهيرا أجرى مقابلة مع زعيم حركة إيتا الانفصالية في إقليم الباسك، ولم يتعرض لأي مساءلة. فلماذا يدان تيسير عن لقائه بن لادن؟

قضية تيسير، ومجموعة المسلمين الاسبان الذين حوكموا وأدينوا معه، شكلت جرحا كبيرا في الذاكرة العربية والاسلامية، فتحه مجددا إعلان عمان، الداعي إلى حوار الآخر لا سجنه!