ماهر سمعان

شهدت الايام الماضية العديد من التصريحات للحركات الاسلامية المقاومة معلنة تمسكها بالمقاومة ومواصلة النضال ضد كل اشكال الاحتلال الصهيوني والصليبي, موجهة التهم نحو العلمانيين والقادة العرب والمسلمين ممن يتعاملون من الغرب في مؤامرته ضد الاسلام....

تسيطر نظرية المؤامرة على عقلية الشارع العربي منذ أمد طويل فاي حدث يمر على المنطقة تجد الناس بدأت بتجييره الى مؤامرة غربية على العروبة او الإسلام او أي قيمة يمتلكها هذا المجتمع المستهدف, وشهد ظهور الأحزاب العروبية في منتصف القرن الماضي استخداما رئيسيا لهذه الذريعة في حشد الشارع خلف هذا الحزب او ذاك وصولا الى السلطة لتعود وتنحسر هذه الظاهرة من الاستخدام في الخطب السياسية الا في بعض الحالات المعروفة فبعد استلام أغلب هذه الاحزاب زمام السلطة في بلادها كان من الصعب ادارة دولة على اساس ان هناك مؤامرة ومع جنون الارتياب الذي ينشأ عنها لتبقيها في الشارع مبررا لاي مد او جزر في الحقوق او التنمية الاجتماعية على اعتبارها العلة الاساسية في أي مشكلة تواجهها البلاد ويعاني منها الشعب.

تعود هذه الظاهرة في الفترة الحالية ولكن على لسان منظمات لم تجربها من قبل وقد يكون السبب في ذلك هو هذا الظهور الاعلامي الكاسح لخطابات الرئيس الايراني والتي يتحدث فيها عن المؤامرة الغربية ضد الاسلام, ما مثل تحد ومزايدة (ان صح قول ذلك) على العرب في الاسلام والدفاع عنه, فانبرت المنظمات الاسلامية والتي في اغلبها تندرج (او تدرج نفسها) في خانة المقاومة لتستخدم هذه الحجة الفعالة والتي تجد صداها في الشارع العربي المحتقن اساسا من اوضاعه المتدهورة اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا.... فيظهر وفي يوم واحد كل من الزرقاوي عضو مجلس شورى المجاهدين ليتحدث عن مؤامرة صليبية ضد الاسلام والعراق, تليه حركة حماس متحدثا عن مؤامرة اقليمية ضدها يشارك فيها الاردن ودول أخرى لعزلها ولإفشال التجربة الإسلامية الاولى في الحكم. وكان سبقهم في ذلك حزب الله في استخدام نظرية المؤامرة عندما وجه الاتهامات لفريق 14آذار بالتآمر على عروبة لبنان (بما انه لا يستطيع التحدث عن اسلامية لبنان).

ليس هناك اسهل على أي جهة او منظمة او دولة في أي مكان في العالم من كيل التهم واعتبار المسبب الرئيسي لتدهور الوضع وتعثر عملها على مؤامرة خفية ودنيئة وما الى ذلك, ولكن اليس هذا يعتبر هروبا الى الامام والقاء العبء على الجهات الخارجية التي لا ترغب في ظهورها او وجودها؟!! اذا نظرنا الى منطق المقاومة العام فهو بالتعريف البسيط أي فعل يصدر عن شخص او جهة ترفض فعلا او وضعا معينا في زمن معين. واليس ينطبق ذلك على هؤلاء المتآمرون الامريكيون أو الصليبيون (كما يحلوا للكثيرين تسميتهم) وعلى الاسرائيليين او الصهاينة؟!!

ليس مجال حديثنا هنا عن تعريف المقاومة و التمييز بينها وبين الارهاب في العالم, وانما الحديث عمن يملك او يدعي ملكية الحق في الوجود والفعل والقتل ويلقي باللوم على الاخرين في ما يحصل له ومن قبله من قتل ودمار ليلجأ في النهاية الى عذر لا يستحق عناء الاستماع اليه, ان نظرية المؤامرة التي تسيطر على عقلية الشارع ومن امامه هذه الاحزاب والمنظمات ليس الا ذر رماد في العيون لتبرير فشل او عطل في مكان ما واستخدام لمصطلحات رفضها أغلبهم في السابق عندما استخدمها اطراف آخرون في نفس المنطقة ولكن في ذلك الوقت كانت تستخدم ضدهم....