دعيت من قبل أمانة المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية في وزارة التعليم العالي السورية للمشاركة في مؤتمر (التاريخ في التعليم ما قبل الجامعي والجامعي)، والذي بدأت جلساته في مدينة حماة متزامنة مع احتفالاتها بعيد الربيع ، ومن الواضح أن فكرة انعقاد هذا المؤتمر تبلورت من منظورين ، الأول : يطرح سؤالاً عن مغزى كتابة التاريخ وأهداف تدريسه ، أما المنظور الثاني فإنه يرتكز على أهمية إنتاج المعرفة ، ومدى الحاجة للجهد الاستشرافي ، خصوصاً في ظل التطورات التكنولوجية المتسارعة وحالة الانفتاح الاقتصادي بين الدول والجماعات .

توزعت نشاطات المؤتمر على محاور رئيسية وعناوين فرعية ، أهمها: واقع الكتاب الذي يتناول مادة التاريخ في المرحلتين ما قبل الجامعية والجامعية، وطرائق تدريس مادة التاريخ، وكيفية استخدام التقنيات الحديثة في تدريس مادة التاريخ ، وأهداف تدريسه في الكتب المدرسية والجامعية بين الواقع والمأمول ضمن معادلات المنهج المعرفي الذي يربط حاضر الأمة بماضيها ، وكل ذلك من أجل تعزيز الدراسات الإستراتيجية التي تطمح لتحقيق المنهج المعرفي في المجالات التربوية ، ومجموعة النظم التي تلتقي مع الطموحات النهضوية والجهود سيادية .

فيما يخص دور التقنيات الحديثة ، قيل أن التاريخ يعتبر سجلاً منظماً للأحداث ، لأنه يتكلم عن حقائق الماضي ويربط بينها وبين الحاضر من أجل إعداد الإنسان لحياة المستقبل ، وفي هذا السياق اتفق على أن مبدأ التعايش مع التقنيات الحديثة بات من متطلبات العصر وفلسفة النظام التربوي التي تتمثل بإعداد المواطن الصالح ، والمنتمي لوطنه وأمته ، وتم التركيز على أن حضارات الأمم تقاس بمدى تقدمها التكنولوجي ، وإدامة تطوير الأجهزة المستخدمة وإنتاج البرمجيات ، وهذا يستدعي بطبيعة الحال إعداد الكوادر البشرية لإدارة مثل هده النشاطات بأسلوب يحقق القدرة على المتابعة والتنافس والاعتماد على الذات : والمهم هو امتلاك البدائل ، تجنباً للتفريط بالحقائق التاريخية وحتى لا تكون عرضة للتشويه من قبل المتربصين .

أما المعوقات التي قد تحد من تعميم فكرة استخدام التقنيات الحديثة لتدريس مادة التاريخ فهي محدودية الإمكانات المادية ، وشح المختبرات ، ولهذا فإن معظم الآراء تنطلق من ضرورة السعي لامتلاك مفاتيح المعرفة التكنولوجية ، حتى لا تبقى الدول محدودة الموارد مستوردة أو مستهلكة التكنولوجيا العصر ، للحد الذي قد يستنزف مصادر دخلها القومي ، وربما يعرقل مسيرة المبدعين من أبنائها الذين يسعون لإثبات موجوديتهم وفاعليتهم في النهوض الاجتماعي والتطور الصناعي والاقتصادي