هتسوفيه

يعتزم إيهود أولمرت، عند دخوله الى منصبه كرئيس للحكومة، أن يلتقي مع رئيس الولايات المتحدة الأميركية، جورج بوش، والطلب منه تأييده خطة الانطواء: الانسحاب من قسم كبير من الضفة الغربية في إطار سياسته التي ينبغي لها أن تقود باتجاه تسوية مع الفلسطينيين.
إن تسرّع أولمرت يثير تساؤلات كثيرة. فهو ذكر في المحادثات الائتلافية هذا الموضوع باعتباره أحد المواضيع التي ستُطرح على بساط البحث بعد عام ونصف، لذلك من المثير للدهشة قراره طرح هذا الموضوع في لقائه الأول مع الرئيس بوش، بعد مرور أسبوعين على تقديم حكومته.
يمكن الافتراض أن أولمرت يعي أن قسماً من شركائه الائتلافيين يرفضون خطة الانطواء، وحتى إنهم أعلنوا أنهم لا يستطيعون المشاركة في حكومة تقرر تنفيذ هذه الخطة. ووفقاً للردود الواردة من واشنطن، فإن الولايات المتحدة غير مستعدة للاعتماد على خطة الانطواء التي يطرحها أولمرت، وهي تتمسك بموقفها القائل أن على الطرفين، إسرائيل والفلسطينيين، التوصل الى تفاهم بينهما في كل ما يتعلق بالحدود المستقبلية بين الدولتين، وبكل ما يتعلق بالقدس. وكما هو معروف، تؤيد واشنطن حدود إسرائيل وفق خطوط 1967، مع تعديلات معيّنة لدواع أمنية. كما أنها لم تعترف بتوحيد القدس خلال حرب الأيام الستة.
نحن نقف أمام مواجهة صعبة في كل ما يتعلق بالحدود المستقبلية لدولة إسرائيل، ليس مع الفلسطينيين فقط، بل مع الولايات المتحدة أيضاً. وإذا كان رئيس الحكومة يعتقد أن ثمة أهمية خاصة لجولته في واشنطن من أجل تقديم نفسه كرئيس للحكومة أمام الرئيس الأميركي، فثمة ما يكفي من المواضيع السياسية والأمنية والاقتصادية ذات الأهمية من الدرجة الأولى، والتي من المهم طرحها خلال لقاء التعارف الأول مع الرئيس الأميركي.
الوقت غير مناسب للحديث عن سياسة الانطواء التي تعني عملياً الانسحاب من أجزاء في الضفة الغربية، كما أن طرح مثل هذه المواضيع في هذه الفترة يتناقض تناقضاً تاماً مع سياسة آرييل شارون الذي وعد المستوطنين بعد الانسحاب من غوش قطيف، أنه من الآن فصاعداً، سيسود في الضفة الغربية الهدوء التام لسنوات عدة الى أن تنضج الظروف لاستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين من أجل تقدم عملية السلام.
إن التسرع الذي بدأ يُظهره إيهود أولمرت ليس في وقته ولا هو في محله، وهو يتناقض تناقضاً تاماً مع المصالح السياسية والأمنية لشعب إسرائيل ودولته. لم يتبق لنا سوى أن نُذكر رئيس الحكومة العتيد بكلام حكمائنا الذين أمرونا بالامتناع عن القرارات المتهورة والتصرف بحكمة من يرى المستقبل.