البيان

تشتد الضغوط الدولية على سوريا في وقت تحكم دمشق قبضتها على ملف الإصلاح الداخلي، بعدما عادت لتمتلك زمام المبادرة في محيطها الإقليمي عبر حلفائها في حركتي »حماس« و»الجهاد الإسلامي« في فلسطين و»حزب الله« في لبنان، إضافة إلى تكليف رئيس وزراء عراقي جديد معروف عنه مواقفه الايجابية من دمشق.

ومع قرب إصدار قانون جديد في الكونغرس الأميركي لتأييد »الحرية في سوريا« وتشكيل جماعة ضغط من شخصيات وأحزاب سورية معارضة في أميركا باسم »المحور السوري الثالث«، يستعر الجدل داخل مجلس الأمن الدولي على الصيغة التي ستعتمد لإدانة سوريا بعد اتهام تيري رود لارسن لها في تقريره بعدم تطبيق القرار 1559 بشكل كامل.

ولا يفصل المراقبون في العاصمة السورية بين الاتهامات الموجهة لحركة »حماس« ومعها دمشق بتهريب أسلحة إلى الأردن، وتحركات المعارضة السورية المدعومة من الولايات المتحدة.

وإصدار قرار من الرئيس الأميركي جورج بوش بتجميد أصول وممتلكات »من له علاقة باغتيال الحريري«، إذ يرون أنها حلقات متتالية في سلسلة واحدة هدفها تغيير النظام أو إحداث تغييرات عميقة فيه على أقل التقديرات.

وتشير تصريحات المسؤولين السوريين، وعلى رأسهم الرئيس بشار الأسد إلى إعادة ترتيب الأولويات بالنسبة للسياستين الداخلية والخارجية، كنوع لمواجهة الضغوط الخارجية ولقطع الطريق على أي تهديد داخلي محتمل من أي قوة كانت.

وتؤكد تقارير منظمات حقوق الإنسان على تصاعد حدة الاعتقالات السياسية وتزايد التضييق على النشاط المعارض، في مقابل تبني خطاب يركز على أولوية مجابهة العدو الخارجي والدعوة إلى تحرير الجولان بكل الأشكال الممكنة، بما فيها العسكرية، وإطلاق حملات متعددة المستويات لتأييد حكومة » حماس« سياسياً ومالياً.

ويرى محللون مقربون من وجهة النظر الرسمية، أن »الموقف الجديد من الحراك الداخلي المعارض، له ما يبرره بسبب التهديدات الخارجية التي وصلت إلى منطقة خطرة«.

ويؤكد هؤلاء أن »موقف الأحزاب العربية المؤيد للنظام عرّى المعارضة السورية وأظهرها وحيدة في الميدان، وهو ما سهل اتخاذ إجراءات حيال النشاط المعارض من دون إيلاء الرأي العام وتقارير حقوق الإنسان أي أهمية تذكر«.

غير أن وجهة نظر المعارضة الداخلية ترى الأمور من زاوية أخرى، إذ ترجع بدايات التضييق على النشاط العام المعارض إلى فترة ما بعد ربيع دمشق

(2001) عموماً وقبل أكثر من عام خصوصاً عندما بدأت تظهر أخبار عن نشاطات إرهابية لحركة سلفية جهادية غير معروفة سابقاً اسمها »جند الشام«.

ويعتقد محللون معارضون أن الهدف النهائي من إعادة ترتيب الأولويات هو الإجهاز على النشاط المعارض في الداخل بشكل نهائي، والتفرغ لضمان استمرار النظام في هذا المحيط المتلاطم حوله.