في الستينات أراد الشيخ عبد الله السالم ان يكرم رجلا من اصل بحريني كانت له افضال في حقل التعليم في الكويت، هو الراحل صالح شهاب. ويبدو انه لم يتم العثور على وظيفة لائقة ومناسبة معا، فكان ان استحدثت في وزارة الاعلام دائرة خاصة للسياحة، وجعل صالح شهاب وكيلا عليها. هو يعرف ان لا سياحة في الكويت. والسياح يعرفون ان النسيم العليل لا يمكنه الدخول في حرارة 50% في الظل في اغسطس. والكويتيون يعرفون انه رجل فاضل ولا كثير على مكافأ.

لسبب ما، او اكثر من سبب او ما، كان صاحب «الرأي العام» عبد العزيز المساعيد، يتضايق من صالح شهاب. وكانت تعليماته الى جميع محرري الجريدة ومطبوعات الدار، بما فيها مجلة الأطفال، قطع صورة صالح شهاب من كل الصور. ثم برزت مشكلة. فقد اصبح صالح شهاب يقف في قلب الصور. وغالبا بين وزيرين. وحمل احد المحررين المعضلة ووضعها على مكتب «ابو يوسف». وطلب حلا. ونظر اليه ابو يوسف بغضب، مزمجرا على نقص المخيلة عند المحرر، ثم امسك بمحبرة أمامه، ودلقها على صورة صالح شهاب، وقال له: خذ وامض!

وصارت صور صالح شهاب تظهر في «الرأي العام» مغطاة بالحبر. وكان الرجل المسكين مبالغا في السمرة، فصارت الصورة تبدو عملية مبالغة في المبالغة: رأس صالح شهاب مغطى، وجسمه الصغير معروف انه جسم صالح شهاب. وحاولت الكويت كلها التدخل مع ابو يوسف. وفي النهاية كان هناك حل واحد: كلما رأى صالح شهاب مصورا في حفلة غادر البلاد في اجازة!

شاركت في منتدى دبي الصحافي السنوي مع نحو مائة زميل آخر. وقبل يوم من الافتتاح اردت ان اعرف مَن سوف التقي من اصدقائي، فأخذت صحيفة «الاتحاد» ورحت اقرأ. واقرأ. واقرأ. ولاحظت ان الصحيفة التي كتب فيها ناصر الظواهري مرة، ان خيري منصور والمحبّر، هما عمدة الاعمدة في الصحافة العربية، قد اوردت ذكر الحضور، واسماء سائقي الباصات التي ستنقلهم، واسماء الخطاطين الذين كتبوا بطاقات الدعوة، واسم مدير الحفلات، ولائحة الماكل المتوافرة على العشاء الختامي، ومراسلي الصحف الأوردية الذين يغطون الحدث لجرائد كولومبو وكراتشي وبنغالور. وصالح شهاب.